recent
أخبار ساخنة

تأملات في كتاب الله. .بقلم الشاعر. .أحمد تركى

سلوي علي محمد
الصفحة الرئيسية

تأملات في كتاب الله
من اللطائف القرأنية التي وقفت عندها بالأمس في سورة النمل والتي ترد في إشارة صريحة واضحة على من يتنكرون لنصر الله الذي وعد به الأمة متى التزمت شرعه وأقامت في أرضه سنة نبيه ولم تزغ عن أمره ولم تقترب نهيه
لطيفة قرأنية في الأية الواحدة بعد سبعين خلت من سورة النمل التي يقول فيها ربنا جل وعلىٰ .... بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،
{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل : 71]
وكأن المنكرين المتشككين في عصرنا هذا يحاكون ما كان عليه أمر المشككين والمنكرين لصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رسالته وبعثته ونصر الله له الذي وعده إياه ربه
وإزااء تعنتهم وإنكارهم للحق وعصيانهم للأمر وتهكمهم استنكار لتحقق ماوعد الله به
يبشر ربنا نبيه محمدا بقوله
قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [النمل : 72]
ويقول الشيخ محمد سيبد طنطاوي في تفسيره لهذه الأية ،
ولذا جاء الرد عليهم، يحمل في طياته العذاب الشديد، والتهكم المرير، فيقول- تعالى- آمرا رسوله صلّى الله عليه وسلم بالرد عليهم: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ.
والرديف- كما يقول صاحب المصباح- الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة.. ومنه ردف المرأة، وهو عجزها، والجمع أرادف.. وترادف القوم: إذا تتابعوا، وكل شيء تبع شيئا فهو ردفه. .
أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- لا نتعجلوا العذاب فعسى ما تستعجلونه من عذاب، بعضه قد لحقكم ونزل بكم، وبعضه في طريقه إليكم، وأنتم لا تشعرون بذلك، لشدة غفلتكم، وتبلد مشاعركم.
والتعبير بقوله: رَدِفَ لَكُمْ يشعر بأن العذاب ليس بعيدا عنهم، وإنما هو قريب منهم، كقرب الراكب فوق الدابة ممن هو ردفه- أى خلفه- عليها.
ولقد لحقهم شيء من هذا العذاب الذي تعجلوه في مكة، عند ما أصيبوا بالقحط والجدب، ولحقهم شيء منه بعد ذلك في بدر، عند ما قتل المسلمون أكثر زعمائهم، كأبى جهل، وغيره..
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
وها هو واقعنا المعاصر يشهد نفس الأمر ولكن ،
في بعض الأحيان يكون التشابه في ذات الحجم من أناس يتنكرون للهدي النبوي والسنة المطهرة ويتهكمون على كثير من الوعود الربانية القرأنية وغيرها من الوعود الت ساقها الله على لسان نبيه في سنته المطهرة
كمن تنكروا للثوابت الدينية وحاولو هدم كثير من الأسس ظانين أن وعيد الله لن يطالهم في الدنيا قبل الأخرة وفي البرزخ قبل البعث والنشور
وفي أحيان أخرى يكون التشابه في نطاق ضيق
فمن يظلم عباد الله
أويتنكر لحسن صنيعهم
اويبطش بهم
أوينتهك حرماتهم ويدنس أعراضهم
أو يسطوا على ما آل من خيرات الله لهم
أو يخونهم إذ كان يجب عليه أن يتق الله ويرع الأمانة فيهم
أو يفرط عليهم أو يطغى إذ كان يجب عليه أن يرفق بهم وإلى طريق الحق يأخذ بأيديهم
أو ...................... إلى أخر ما يمكن أن يتصوره العقل البشري من صور الظلم
أظنها والله أعلم تدخل تحت طية من طيات إنكار أو استنكار الوعيد الذي وعد الله به كل من طغى وتكبر وعاند وأصر وجهر ولم يخف للأمر عاقبة ولم يعبأ بالمآل الدنيوي وحساب الملكين في البرزخ
والمآل الأخر حيث إما إلى جنات النعيم وإما إلى نار تلظى
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ} [النمل : 73]
ثم يعود رحمن الدنيا ورحيم الأخرة ليبعث في النفس البشرية ما يطمأنها بأنه تعالى صاحب الفضل في الأولى والأخرة وأنه بعفوه وكرمه يسع جميع خلقه إلا أن أكثر الناس لا يؤدون شكر الله الذي لم يباغتهم بالعقاب حال الخطأ مباشرة وإنما يمهلهم ليتب منهم من يتب
وهذا فضل منه وإنعام كبير سبحانه وتعالى
وذكر فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي حال تعرضه لتفسير هذه الأية قوله،
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ [النمل : 73]
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على الناس، فقال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ.
أى: وإن ربك- أيها الرسول الكريم- لذو فضل عظيم، وإنعام كبير على الناس. ومن مظاهر ذلك: أنه لم يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وعصيانهم، ولكن أكثر هؤلاء الناس لا يشكرونه- سبحانه- على فضله وإنعامه.
والتعبير «بأكثر» للإشعار بأن هناك قلة مؤمنة من الناس، ملازمة لشكر الله- تعالى- في السراء والضراء، والعسر واليسر.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل : 74]
ثم يعود سبحانه ويذكرنا بأنه خالق النفس البشرية ويعلم أمرها وظاهرها وباطنها وأنه أقرب إلى نفس كل منا وأنه ويعلم وحده ما نسره وما نعلنه
وإذا قال أحد بأن علمه بما نسره دليل على قدرته فما الحاجة لذكر قوله وما تعلنون،
وهنا يبين فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله خلال تعرضه لهذه الأية أن العلانية مسألة نسبية
فما أعلنه أنا لك قد لا أعلنه لغيرك وما تعلنه أنت لي قد لا تعلنه لغيري فتبقى العلانية مع ظهورها لدى البعض خفية عن البعض الأخر ولذا فإن شمولية علم الله تعالى وإحاطته سبحانه بكل شيئ اقتضت معها حكمته أن يسوق الأية على هذا النحو وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ،
وفي هذا إشارة بلغية إلى ضرورة المراقبة واستشعار معية الله تعالى في كل الأمور
رزقني الله وإياكم الهدى والتقى والعفاف والغنى وجعلني وإياكم ممن يخشونه ويخافون حسابه
اللهم أمين
بقلم / أحمد تركي

google-playkhamsatmostaqltradent