وَحـــــدي.../ سليمان دغش
( إليها ..وحدها تختزلُ الحياة)
وَحدي هُنا
والليلُ شبّاكي إلى عيْنيكِ
لا رؤيا تفسّرُ هاجسَ العرّافِ
في فِنجانِيَ المقلوبِ
قالتْ نجمةٌ أدمَنْتُ رؤيتَها هُناكَ
على مَرايا الوَهْمِ
بَيْنَ الوَعيِ واللاوَعيِ
لا... لا تنتظِرْها
رُبما تأتي بلا وعدٍ
كبرقٍ عابرٍ جسَدَ السحابةِ
حينَ يشتَعِلُ الغمامُ بشهوةِ البَرقِ التي
لمْ تحتملْ فيضَ اللطافةِ في الكثافة
فاشتَهتْ مَطَراً يُراودُها على ظَمَئٍ
فتُشعلُهُ ليُشعِلها
وتطفئه ُ ليطفئها
لعلَّ توحُّداً ما بَيْنَ ماءِ الرّوحِ من جهةٍ
وَبَيْنَ النّار في جَسَدِ الفَراشَةِ
وهْيَ تلهثُ في لَظى القِنديلِِ
يكشفُ طالِعَ الرؤيا
وَيَخْتَزِلُ الحَياةَ إلى الأبَدْ
لا تَنْتَظِرْها
وَشْوَشَتني نَجْمَةٌ سَهِرَتْ على جَفنَيَّ
لَيْلَتها الطّويلَةَ مثلَ شَعْرِكِ
قبلَ أن ْ تغفو على جفنيَّ مثل فراشةٍ
تَسْتَأنسُ الحُمّى بها
أوْ قبلَ أنْ أَغفو قَليلاً في سَنا أَجْفانِها
فَلَرُبّما مَرَّتْ على عَجَلٍ
على شبّاكِكَ البَحْرِيِّ ظِلَّ إلهةٍ
تَتَنهّدُ الغاباتُ في فَمِها شَذَى
وَيَئِنُّ تَمّوزٌ على كْريستالِ سُرَّتِها نَدىً
فُسْتانُها سِرْبُ الكَواكبِ يَقْتَفي أثَرَ الحَديقةِ
والثُّرَيّا زَيَّنَتْ وَتَزَيَّنتْ خِلخالَها
والشَّمسُ....
يا للشَّمسِ كَيفَ استَأْنَسَتْ ألماسَ سُرَّتِها
الشّهيّةِ
والشّقيّةِ
آهِ ... كَمْ شَمساً سَتَطلعُ
حينَ تَرمي في المَدى زنّارَها
يا ألف مَرحى
ألف مَرحى
كَرْنفالات الجَسَدْ
وَحْدي هُنا
والليلُ شبّاكي الوَحيدُ إليكِ
نِصْفُ الرّوحِ فيََّ
وَنِصْفُها أَسرى إليكِ على جَناحِ الحُلْمِ
هلْ في الحُلْمِ بعضُ حقيقةٍ
لأراكِ في مِرآةِ نرْجِسَةٍ تُعَذِّبُني وأَعبُدُها
أُحِبُّكِ نَرْجِساً في الرّوحِ
أُنثى الرّيحِ والمَطَرِ المُقدّسِ
في استواءِ الرّوحِ بالجَسَدِ المُعَربِدِ
فيكِ.. فيَّ
كَمَوْجَةٍ لا تَنْتَهي
إلا لتَبدَأ عِنْدَ خاتِمَةِ الزَّبدْ
وَحْدي هُنا
والليلُ يأخُذُني إليَّ
وَيفتَحُ الشُّرُفاتِ في روحي عليََّ
فلا أرى إلآكِ ملءَ جَوارِحي
فَكَأنّما لا أَنتِ إلاّ فيَّ
كَيْفَ دَخَلتِني
وفتَحتِ كلَّ نَوافِذي للشَّمسِ
يا امرَأَةً رَمَتْ خِلخالَها الغَجَريَّ
فَوْقَ وسادَتي
وَتزنّرتْ بالرّيح رَقصَتها الأخيرة
قَبلَ أن تَمضي كَجيتارٍ
يُرَتّبُ لَحْنَهُ الأَبَدِيّ في جَسَدي
وَتَتركني وَحيداً
مثل قديسٍ تلاشى في التّماهي
كُلَّما صَلى إلهٌ
أو تَجلّى في جَسَدْ ...!
( من ديوان : "سماء للعصافير نهار للفراشة"الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع- تونس)