الباطن
لم يرد إسم الله الباطن في القرآن الكريم إلا في موضع واحد هو قوله تعالى :
( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) 3 الحديد
و أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال : ... اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، و انت الآخر فليس بعدك شيء ، و انت الظاهر فليس فوقك شيء ، و انت الباطن فليس دونك شيء ، أقضي عنا الدين و أغننا من الفقر .
الباطن إسم فاعل فعله بطن يبطن بطونا ، و البطن من الإنسان خلاف الظهر ، و بطن الشيء جوفه ، و البطون الخفاء ، و عدم الظهور .
و الباطن سبحانه وتعالى هو الذي إحتجبت ذاته عن أن تدركها أبصار العباد ، فلا تراه الأبصار في الدنيا ، لإختبار عباده و إمتحانهم ، و لتميز من يؤمن بالغيب عمن لا يؤمن به ، و إحتجابه تعالي لا يعني عدم وجوده ، فكم من الأشياء التي لا نراها ، مع أننا نجزم بوجودها الذي دل عليه أثرها ، و هو سبحانه و تعالي يعلم بواطن الموجودات ، و ذوات الصدور من الأسرار و النيات ، و لا تخفي عنه ذرة في الأرض ، و لا في السماء ، يدبر أمور عباده من حيث لا يدركون تدبيره ، و تنطوي أفعاله علي حكم قد يدركها بعضهم ، و قد لا يدركها أحد .
و تخلق العبد بموجب هذا الإسم أن يقر العبد بوجود الله تعالي و توحيده ، و ينزه ذاته عن مشابهة أحد من خلقه ، أو الإحاطة بذاته ، و كمال صفاته ، و يعلم أنه ما أوتي الخلق من العلم إلا قليلا ، و يوقن انه تعالي هو الذي يقدر الأمور و يدبرها ، و أن الأسباب التي أظهرها بحكمته هي كالآلة بيد صانعها ، و الله من ورائهم محيط ، و يؤمن بالغيب كما أخبر الله تعالي عنه ، و بقضاء الله تعالي و قدره ، و يرضي بما إختاره الله تعالي له ، و يوقن أن الخير فيه .
اللهم يا ربنا الباطن ... نسألك صدق العبودية لك و حسن التخلق بمعاني إسمك الباطن
عزة عبدالنعيم