قصة : "" وراء كل امرأة ناجحة قصة حب فاشلة "
إفترش النهار ثوبه على تلك القرية النعوس ، فصاحت الساعة معلنة الثامنة صباحا ، و هي تناظر سقف الغرفة كعادتها ، تنغمس في عالمها القاتم ، هدوء ينحر المكان و يقدم ذبيحته " ليلى " ليوم آخر ، ها هي تمسك بمرآتها و تتمتم "... تجاعيد الخامسة و الثلاثين .. " و كأنها تنهل من ذكريات قد لفتها بقماط القدر ، راحت تمارس طقوسها الصباحية على أمل أن يكون هو الزائر لهذا الرقم الجديد ، فالأيام مجرد أرقام لا أكثر .
تثاقلت الساعات و ليلى لا تزال تطهو الصبر على كانون العمر العتيق و تلمظ شفاها تشققت من جفاء حب قد شيد مملكات حزنها و توجها أميرة على عرش المماليك ، ليصفعها فجر جديد ، يحملها وزر يوم فيوم . كانت ليلى مولعة بالكتابة ، تجالس وحدتها على كواغد دفاترها المرصعة بكحل عينيها الممزوج بدموع الشوق و العتب ، انه ١٧٥٠ اليوم الحاسم ، تزعمت إنتفاضة الروح و جهزت جيوش أقلامها و خلعت عباءة الريف و إرتدت ثورة الجموح ، فكان لإسمها صوت يسمع أينما حلت و أمست " الشاعرة ليلى " محط أنظار العامة و الخاصة . لملمت ذكرياتها في حقيبة سفر ، كانت كلما وضعت فيها شيئا تعود لإخراجه مرة أخرى ، فقد توعدت رحيلا لا تفكر لوهلة أن تعود .
أصبحت الحقيبة جاهزة : مرآتها و أحمر شفاه و مشط و دفاتر و حزمة أقلام و ثوبها البنفسجي ، تعتقد بأنه جالب للحظ ، فقد كان شاهدا على بداياتها في عالم الحرية و الشهرة و النهوض .
سافرت ليلى و هي تودع جدران الغرفة ، تطالبها بالصفح عنها و هي تقول : سينصفني القدر حتما ... في أول حفلة لها بباريس قررت أن ترتدي ثوبها البنفسجي ، ثم راحت تقرأ بصوت مرتفع قصيدة لها بعنوان : " إمرأة لا تموت .." فقاطعها منسق الحفلة و هو يقول حان الآن وقت صعودك سيدتي ، فلتجهزي سأبادر بمقدمة الدخول . كان التوتر باديا على محياها و كأن الحروف تلاشت و تناثرت كحبات اللؤلؤ !! انها تلملم دقات قلبها المتسربلة في أحشاء المكان ، على تصفيقات الجمهور اعتلت المنبر كفراشة تمارس ليلتها الأولى بين أحضان الربيع ، فهمت تشدو بقصيدها على ايقاع موسيقي هادئ يمتزج وعطر أنفاسها فيشكلان معا لوحة فنية راقصة ، و فجأة وقع نظرها على شخص تبادلا معا صدمة و ذهول ، و خيم ذاك الصمت الرهيب ، فأمسكت أوراقها و مزقتها نصفين ، و ارتجلت شعرا لم تكن بحاجة الى قافية او ورق او جرعة من الهدوء ، كان القاتل هو الملهم ، أتى ليزف ذبيحته في حفلها الأول ، رفقة زوجه و أبنائه الأربع ، في كل بيت تسرد قصة انتظار و ألم و قلب يحتضر ، و استفاقت على صرخات الجمهور : رااااااااااااائعة حقا . أدركت حينها بأن ضريبة النجاح كان قلبها المبتور ......
بقلم / مياسين آمنة_الجزائر