خيط من أمل
أضْفى قُرص الشّمس المودّع بعض شحوب على ملامحها… عيون تنطق بالحزن وشفاه كئيبة لا يبدو عليها اثر ابتسامة.. قلب منطو على جراحه.. ونفس منكفئة على عذاباتها… تمزق أعماقها سيوف الوحدة وتحرق أفكارها هموم الغربة.. عديد الأسئلة بقيت عالقة بمخيلتها يدون اجابة مثل روح تحتضر لم تغادر صاحبها بعد فلا هي سافرت نحو البرزخ ولا هي بقيت حيّة ترزق بجسده…
قلبها المنفطر من البِعاد يسترسل في الخفْق فيسْكن الخوف مع دقّاته.. الوحدة تحطّم أبواب بيتها وتخترق قلبها اختراقا، أما الوحشة فتهدّد ما تبقى من بعض أمل يسكنها….
يهتك عصف الرياح مسامعها فيتسلّل السّواد من السّراديب المظلمة إلى كل جزء فيها مثل تسلّل ماء دفق من الجدول ليتجاوز حدوده ويخترق قانونه ليجرف كل ما يمرّ أمامه…
تحيط بها الظُّلمة لتغمُرها وتنْحر بصيصَ نور كان مُختزلا بأعماقها فإذا به يطير نحو الأجواء البعيدة ليترُكها… ما أصعب أن تكون ضحيّة حظّ فاشل يرمي بك في دواميس العتمة.. ما أصعب أن تعتريك كوابيس تنزع من ضميرك الرّاحة..
الشّكوك بدأت تطرق باب قلبها وتغزو فِكرها المرهق وهي تنتظر قدومه على أحرّ من الجمر، تُرى لماذا تأخّر وقد كان يأتيها متلهّفا حاملا بجعبته أحلاما ورديّة ومهيّئا عُشّ زوجيّة سعيد، لكنّه أخلف وعده فهل سيكون مصيرها معه مثل البقيّة..
لقد سكن اليأس جسمها حتى غدا يرتعش كما غصن عليل هبّت عليه رياح الجنوب بِسُمومها لتُنْهي ما بقيَ من اخضرار في عوده، وقابلتها الأشباح تتراقص في العتمة على شاكلة شياطين متمرّدة فاتحة أفواها برائحة البشاعة..
في ركن البيت شمعة تضيء، اقتربت منها وبقيت تراقب نورها المتراقص فلعلّ عجلة الأيّام تدور دورة مخالفة عن تلك التي اعْتادَتها في حياتها… فلتنتظر حتى يحين الفرج ..
صالحة بورخيص/تونس