recent
أخبار ساخنة

شاعر الفردوس يكتب مقالًا عن:( فتنةُ العينِ الناعسةِ )

سلوي علي محمد
الصفحة الرئيسية
Image may contain: 1 person


شاعر الفردوس 
يكتب مقالًا عن:( فتنةُ العينِ الناعسةِ )
............................................
إن هذا المقالَ ( سيفَ العيونِ المسبلةِ )يتكون من ستةِ عناصرٍ المقدمة والخاتمة وأربعة عناصر رئيسة كالتالِي : 1- المقدمة 2- أمنيةٌ فِى الحداثة
3- غضُ الطرفِ 4- النفورُمن تلك العيون الجريئة 
5-قصيدةُ عنترةٍ ( رُبَى العلمِ السعدِي)
6- الخاتمة
1- أولًا المقدمة : 
...........................
إنَّ فتنةَ العينِ الناعسةِ فِى خلدِ الحياءِ وهي تختفي خجلًا وحياءً وكسوفًا من عينِ محبوبِها ليست بالشىء الهينِ عندَ الشعراءِ فهى تسرقُ قلوبَهم، وتأخذُ عقولَهم، فكمْ من نظرةٍ خجلى سبتْ و أسرتْ شعراءً وسجنتهم فى مآقيها!! وكم نظرةٍ قتلت شعراء من بنى عذرة وغيرهم!! وخيرُ مثالٍ على هذا شاعرُ الطبعِ وفارسُ الهيجاءِ فِي العصرِ الجاهلِي شاعرُالحبِّ النبيل شاعرُ الفروسيةِ الشاعر( الفلحاء ) ؛ لتشدقِ شفتيهِ الشاعرُ العبدُ الأسودُ ابنُ زبيبةٍ صاحبُ النياقِ العصافيرِ،وشاعرُالطبقةِ الأولَى وصاحبُ المعلقة المشهورة : هل غادر الشعراءُ من متردمِ *** أمْ هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ يادار عبلةَ بالجواءِ تكلمى**** وعمِ صباحًا دارَ عبلةَ واسلمِي إنَّه عنترةُ بن شدادٍ بن قرادٍ 
الذى قتله الأسد الرهيص .
2- ثانيًا أمنية فِي الصغر: 
..................................
فمنذُ كنتُ حدثًا صغيرًا ، وقبلَ أن تكتملَ موهبتِى الشاعرية ،وقبلَ أنْ أفهمَ اكتمالَ الرجلِ بالمرأةِ واكتمالَ المرأةِ بهِ فيكون غطاءً وحاميًا لهَا فِى علاقةٍ شرعيةٍ مسموحٍ بها فى كل مجتمعاتِ الدنا، كانَ مشهدُ الحياءِ يسحرُنِي ويسكرنِي خمرُه دونَ أنْ أشربَه أو حتى أتذوقَه .
غضُ الطرفِ إلى الأرضِ عند تطرةِ الكسوفِ والخجلِ والحياءِ واحدٌ منْ المشاهدِ الغائصةِ في قلبِي ذكرُه.. وكم كنتُ أتمنى أن أكونُ كبيرًا وأكتبُ عن هذه اللحظة ،وأسجلها فِي أشعارِي، وليس ما أقصدُه بغضِ الطرفِ هوالاحتقار حاشَا للهِ لاسمحَ اللهُ بهِ كقولِ جريرٍ للراعِي النُّميرِي فى قصيدتهِ ( الدامغة ) : 
وسبب التسميةِ بالدامغةِ لأنَّ جريرًا دمغ بها الراعِي النميرِي أى أصابَ دماغَه ويقال :إنه ماتَ كمدًا من هجاءِ جريرٍ له ( 97 ) بيت من الهجاءِ القاذعِ اللاذعِ وأبرزُ بيتٍ فِي هذه القصيدة :
فغضْ الطرفَ إنَّكَ منْ نُميرٍ **** فلا كعبًا بلغتَ ولا كلابًا 
لا ليس هذا ما اقصدُه إنما أقصدُ غضُ الطرفِ (حياءً وكسوفًا وخجلًا)فى الحبِّ العُذرى.
3- ثالثًا غضُ الطرفِ : 
................................
غضُ الطرفِ منْ نظرةِ حبٍّ سامقةٍ أومن مشهدٍ رائعٍ رومانسىٍّ عندَ أعماقِ الأعماقِ فى تلابيبِ الروحِ أوْ خلجاتِ النفسِ العاشقةِ من تسبيلةِ عينٍ ناعسةٍ ، أو نظرةِ حائفةٍ خائفةٍ حائرةٍ جائرةٍ من قلبٍ مكلومٍ بالجراحِ مسكونٍ سكنَه النوى وجرجره الهوى من شوشتهِ ووحاولَ أنْ يدارِي لواعجَ النواحِ كلما تستدعِيها الأيامُ .
هذه النظرةُ من تلك العيونِ كيف ينساها الشعراءُ وكيف لا يسجلونها شعرًا أو تمتلىء بها قصائدهم!!؟؟ 
اعلم أخِى واعلمي أختي إنه كلما جاءَ ذكرُ الحياءِ والخجلِ والكسوفِ ، وجاء ذكر الأنثى الحيِّية ( والشىءُ بالشىء يذكر تذكرتُ نبينا محمدٍ عليه أفضل الصلاة والسلام الذى كان حييًّا وأحيى من العذراءِ فى خدرها بليلةِ عُرسِها، وتذكرتُ سيدنا عثمانَ الحيِّيى الذى كانت تستحِي منه ملائكةُ السماءِ حتى يُذكرُ أن الرسولَ صلى الله عليه وسلمَ كان جالسًا ودخل عليه أبو بكرٍ ورأى ثوبَه مرفوعًا عن قدميه فلم يعتدلْ ، ودخلَ عليه عمرُ أيضًا ولم يعتدلْ ودخلَ عليه عثمانُ فاعتدلَ وقالَ لا استحى من رجلٍ تستحى منه ملائكةُ السماءِ ) - ونعود لموضوعِنا العيون الخجلى بعد هذا الاستطراد العفوى -
فما بالك إذا كانت العيونُ زرقاءً أو حوريةً سوداءَ واسعةً أو كعيونِ المها والأيائل والغزلانِ أوكعيونِ القطا أو القطط ،
فسبحانَ من جعلَ الفتنة في الخفاءِ من هذه العيونِ الشهباءِ اللامعةِ أو الناطقةِ بلا كلام !! والنظرةُ سهمٌ مسمومٌ من سهامِ الشيطانِ.
وعلى قدرِ ذلكَ الهيامِ والجنونِ بمشهدِ العيونِ الغجريةِ المسبلةِ أو الناعسةِ أو الهامسةِ غيرِ الجريئةِ ، الغاضةِ طرفِها إلى الأرضِ ، السيَّالةِ بمعنى الحياءِ والخجلِ والكسوفِ لا بمعنى العيونِ الذبَّاحةِ التى تنطلقُ فيها رصاصةٌ والتِي تذبحُ بغيرٍ نصلٍ أوْ سكينٍ كأغنيةِ محرمِ فؤادٍ الشهيرةِ .. وعلى قدرِ نفوري وأفولِي من العينِ الجرئية التى تتمثل لي وحشًا جائعًا مفجوعًا إلى الحبِ ولذاتهِ ينتهكنِي ويملصُ لى قلبِي، فنفقدُ في تلكَ النظرةِ كلَّ أسبابِ الجمالِ ونفقدُ معها التطلعِ للرومانسيةِ والنوروالبهاءِ وننجرُّ للرزيلةِ والفحشاءِ، وتكتسبُ كلَّ أسبابِ التوحشِ وتكونُ مثلَ عيونِ زليخاءٍ أو صويحباتها من ظلمنَ النبىَّ الكريمَ بن الكريمِ الصديقَ بنِ الصديقِ يوسفَ بن يعقوبٍ.. فمنْ الذي أقنعَ الفتاةَ بأنَّ جرأتها شجاعةٌ محمودةٌ، وأنَّ انتهاكَها بقوةِ شخصيتِها، وإرادتِها فى قوةِ عينيها،وأن تحديَها تعبيرٌعن قوةِ شخصيتِها فهذه ذلةٌ ،وطامةٌ كبرى؟؟ وآفةٌ عظيمةٌ.. فكيف تقتنعُ الفتاة بذلك !!؟؟ ومن أقنعَ الفتاةَ بذلك فقدْ أرادَ لها سوءًا ،وإنْ كانَ لا يدرِي فالمصيبةُ أكبر.
4- النفورُ من تلكَ العيونِ الجريئة :
..........................................
أنا كشاعرٍ أنفرُ من العينِ الجرئيةِ البذيئةِ ؛حتى لكأني أريدُ الهروبَ منها خوفًا من سخطِ الله ،وطمعًا فى رضا الله ،واعترافًا بالضعفِ الإنسانِي ، ويكتملُ مشهدُ النفورِ بتلكَ الأطنانِ من الزينةِ التي تحيطُ بالعينِ وتزخرفُها وتنقشُها كما كعكِ العيدِ ،وتظهرُ ما فيها منْ جمالٍ باستخدامِ (وسائل المكياج) فآهٍ ثُمَّ آهٍ منْ عيونِ الغيد !! إنها تكملُ صورةَ الوحشِ حتى لكأننا نرَاه .
وسبحانَ من جعلَ النفورَ فِي الظهورِ !
وأذكر أنني لم يهزُّنِي ولمْ أرَ وصفًا لتلكَ الحالةِ أبلغَ مما قاله عنترة بنِ شدادٍ – فارسُ الحبِّ والغزلِ العفيفِ فى العصرِ الجاهلِي وسيده في وصف هذه اللقطة ،وهذا المشهد( فتنة العينِ الناعسةِ فِى خلدِ الحياءِ) وهي تختفي تحت الجفون، وتتسربلُ منها اللواحظُ بمكنونِ القلبِ . 
قال عنترةُ بن شدادٍ:
وسلَّتْ حسامًا من سواجي جفونِها *** كسيفِ أبِيها القاطعِ المرهفِ الحدِ .
تقاتلُ عيناها بهِ وهو مغمدٌ *** ومن عجبٍ أن يقطعَ السيفُ في الغمدِ !
وإليكم أصدقاء حرفِي من الشعراءِ والشاعراتِ أروع أبيات القصيدة - رُبى العلمِ السعدِي - والتى اسميها (سيف العيونِ المسبلةِ ) مع العِلْمِ و التذكيرِ بأن الوصفَ الحسيَّ للمرأة منهي عنه شرعًا فى كلِّ عصورِ الخلفاءِ الراشدين، فقد منعَه عمرُ بنِ الخطابِ كما منعَ شعرَ الهجاءِ السليطِ المسلحِ على الناسِ مقابلِ المال، ومنعَ شعرَالفخربالأحسابِ والأنسابِ والمباهاةِ بالمالِ ،وسجنَ الشاعرَ المخضرم القصيرَ المكيرَ أبا مليكةٍ جرولَ بنِ أوسٍ العبسىِّ المتوفَى سنة (30 )هجريًا (650 ) ميلاديًا المعروف باسم (الحُطيئَة ) لقصرِهِ وقربِهِ من الأرضِ.
ولم يعدْ الغزلُ الصريحُ إلا مع الدولةِ الأمويةِ فى أشعارِعمرِ بنِ أبِي ربيعةٍ.
وعنترةُ بن شدادٍ بن قرادٍ كانَ شاعرًا في عصرِ الجاهليةِ كما هو معروف ولد فِي نجدٍ سنة (525 ) ميلاديًّا فِي شبه الجزيرة العربية فى الربعِ الأولِ من القرنِ السادسِ ،وتُوفِي سنة ( 608 ) ميلاديًّا، وكان عنترة عفيفًا شريفًا فى حبهِ ،وقال عنه الرسول : ( لو أدرك الإسلام لأسلم )لأن عنترة كان رجلًا حييَّا فِي حبه ولقد قال فى قصيدتِه المسماه ( يا عبلُ أينَ من المنيَّةِ مهربِي ؟؟ ):
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي **** حتى يُواري جارتي مأْواها
إني امرؤٌ سَمْحُ الخليقةِ ماجدٌ **** لا أتبعُ النفسَ اللَّجوجَ هواها
ولئنْ سأَلْتَ بذاكَ عبلةَ خَبَّرَتْ **** أن لا أريدُ من النساءِ سواها
وأُجيبُها إمَّا دَعتْ لِعَظيمةٍ **** وأعينها وأكفُّ عَّما ساهَ
5- قصيدةُ عنترة :
......................
قال عنترة : رقم القصيدة : 10685 فِي الموسوعة العربية للشعر العربى
( قصيدةُ رُبَى العلمِ السعدِي )
والقصيدة موجودةٌ فى ديوانهِ المنشور
إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي ****** طفا بردها حرَّ الصبابة ِ والوجدِ
وذكرني قوماً حفظتُ عهودهمْ فما ***** عرفوا قدري ولا حفظوا عهدي
ولولاَ فتاة ٌ في الخيامِ مُقيمَة ٌ ****** لما اختَرْتُ قربَ الدَّار يوماً على البعدِ
مُهفْهَفة ٌوالسِّحرُ من لَحظاتِها ****** إذا كلمتْ ميتًا يقوم منْ اللحْدِ
أشارتْ إليها الشمسُ عندَ غروبِها**** تقُول: إذا اسودَّ الدُّجى فاطْلعي بعدي
وقال لها البدرُ المنيرُ ألا اسفري**** فإنَّك مثْلي في الكَمال وفي السَّعْدِ
فولتْ حياءً ثم أرختْ لثامَها ****** وقد نثرتْ من خدِّها رطبَ الورْدِ
وسَلَّتْ حُسامًا من سواجِي جفونِها**** كسيْفِ أبِيها القاطعِ المرهفِ الحدّ
تُقاتلُ عيناهَا بِهِ وَهْوَ مُغمدٌ ****** ومنْ عجبٍ أنْ يقطعَ السيفُ في الغمدِ
مُرنِّحةُ الأَعطاف مَهْضومةُ الحَشا **** منعمةُ الأطرافِ مائسةُ القدِّ
يبيتُ فُتاتُ المسكِ تحتَ لثامِها**** فيزدادُ منْ أنفاسها أرج الندّ
ويطلعُ ضوء الصبح تحتَ جبينها**** فيغْشاهُ ليلٌ منْ دُجَى شَعْرِها الجَعدِ
وبين ثناياها إذا ما تبسَّمتْ ****** مديرُ مدامٍ يمزجُ الراحَ بالشَّهدِ
شكا نَحْرُها منْ عِقدِها متظلِّمًا****** فَواحَربا منْ ذلكَ النَّحْر والعقْدِ
فهل تسمح الأيامُ يا ابنةَ مالكٍ ***** بوصلٍ يداوي القلبَ من ألمِ الصدِّ
سأَحْلُمُ عنْ قومِي ولو سَفكوا دمِي**** وأجرعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ المَلا وحْدِي
وحقّكِ أشجانِي التباعدُ بعدكم ****** فها أنتمُ أشجاكمُ البعدُ من بعدي
حَذِرْتُ من البيْن المفرِّق بيْننا ***** وقد كانَ ظنِّي لا أُفارقكمْ جَهدِي
فإنْ عانيتْ عينِي المطَايا وركبَها**** فرشتُ لدَى أخْفافِها صَفحةَ الخدِّ.
6- الخاتمة :
.................
وفِى نهايةِ المقالِ أحيى تلك النظرة الخجلى من الحياءِ (سيفُ العيونِ المسبلة), والتى تزينُ الفتاة ،وأمقتُ تلك النظرةَ من الجرأةِ التى فيها هدمٌ للموروثِ من العاداتِ والتقاليدِ وأحيى الغزل العذرى العفيف المعنوِي الذى يخاطب الروحَ، وأمقتُ الغزلَ الفاضحَ الصريحَ الحسىّ الذِي يُخاطبُ الجسد .
............................................
بقلمِي : شاعر الفردوس
google-playkhamsatmostaqltradent