recent
أخبار ساخنة

الأشباح / بقلم الكاتب / إبراهيم معوض

الصفحة الرئيسية

الأشباح ../ قصة قصيره
من أوراق الماضى 1996
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتحرك المدينة نحو الفجر رغم الظلام فأنا أرى كل شيء أذرعا طويله متشابكه , وأياد فولاذيه وأجساد بشر متلاطمة كل شيء أمامي لكنه يتبدل كتبديل الأدوار على مسرح الحياه أعمده الإنارة بطولها الهائل أراها أقزاما على مسافات متباينة نسخ مكرره ممسوخه أقزام متشابهة من البشر توائم أوراق كربون كبيره تنسخهم .
حتى النمل أراه كبيرا يقف أمامي ينظر بازدراء أبنى بيوتاً أصنع سراديباً أقود جيوشا وأنتصر أحمل أعباءاً كثيرة . حياتي عظيمة ولها قيمة
تخرج الي لسانها وتطل بعينيها الكبيرتين  فوق أنف يشبه حبة المسبحة .تتحرك على أرجل طويلة . أكثر طولا من تلك الاعمدة الشاخصة الهائلة الحقيرة. أقف أمامها كالطفل كل شيء يختفي بالنسبة لها تضحك ضحكةً تطلقها مرددة في جنبات الكون .تنظر الي بتفاخر " أنا عظيمة" وكأنها تطل من فوق ناطحة سحاب عملاقة أرفع رأسي لأدركها فأتعثر .....
ماذا تكونين ؟ أعطيني إجابة على سؤالي . أصرخ هل أنتِ نملة أم أنا ؟ هل أنتِ حشرة أم أنا ؟ حشرة ! هل هذا الاسم هراء وكذب هو الآخر ونراك صغيرة لعظم شأنك. ردي علي لا تتركيني تائهاً وحدي أتشبث بإحدى أرجلها العملاقة فتلكزني بالأخرى وكأنني ذرة تراب عالقة بها  .
ومازالت تضج بالضحك تحرك جنبات الوجود
جلست على الأرض أبكي كالرضيع . أبكي وأنشج ولكنها استدارت تنظر إلي تحت أقدامها طلت أخيرا بعينيها البارزتين وكفت عن الضحك عدا ابتسامة على وجهها لا تستطيع أن تواريها يبدو أن دموعي ونشيجي قد أثرا فيها ولكن هيهات عادت للضحك . تدب الأرض كالديناصور الهائل أجري خلفها وأسبقها حتى أعترض طريقها ولكنني أخاف عندما تبرق بعينيها أخاف أن تدهسني ثم استقرت بين أهلها ونظرت إلي نفس النظرة أريد أن أفهم أنها تحدثني . نظرة عين تحمل حديثا طويلا لدرجة أنها لا تري بعدها جدوى من الكلام . فتسير ضاحكة ساخرة مني .
ولكني مللت ألقيت بنفسي تحت أقدامها. وألقت علي نفس النظرة ولكنني فهمت الآن أنها نظرة الشماتة نعم شماتة سنين طويلة عبر التاريخ . قد فهمت كل شيء تضاءلت أمامها كما كانت تتضاءل أمامي تستطيع أن تسحقني كما كنت أفعل- دارت الدوائر – ولكن كيف ؟ إنه ظن خاطئ لأنها ما لبثت أن بكت بكاءاً مريراً وكأنها لم تبك من قبل في  لحظة انقلب كل الضحك إلى بكاء وكل السخرية إلى حزن وشفقة
دموع تسيل ساخنة تلسع خدودي وكأنني القتيل الملقى تحت دموع أمه ..
ثم أخذت تتضاءل تتضاءل ويتعظم كل شيء نمو مرضي يلف الكون ترتفع العمارات أمام عيني وكأنها تبنى بقوة الجان  تنمو الأعمدة مرة أخرى -  نمو سرطاني مطرد -  أصوات السيارات حتى الطائرات عادت تدوي في أذني من جديد
وحينما رأيت الشمس تمشي على إستحياء في السماء أحسست أنني ما زلت كما أنا الصغير الوحيد وسط كل من كبروا ما زلت أشعر أن بقايا دموعها على ثيابي وفوق الثرى أمامي أثر الدموع يلهب خدودي !..
فنظرت إليها تجري مسرعة نحو حفرتها الصغيرة ورفعتها فوق كفي وقمت واقفاً أحتضن

google-playkhamsatmostaqltradent