recent
أخبار ساخنة

كرة قدم حمراء " ؟؟!! بقلم الأديب-سليم عوض عيشان ( علاونة )

سلوي علي محمد
الصفحة الرئيسية
Image may contain: 1 person



قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
===============
( آخر ما جادت به قريحة الكاتب ولم يسبق نشر النص من قبل ) .
مقدمة :
أحداث وشخوص النص ربما تكون قد جرت في مصر .. العراق ... سوريا ... اليمن .. ليبيا .. فلسطين ... ولربما تكون قد حدثت بها جميعًا .
إهداء خاص:
للطفل بطل النص ... 
( الكاتب )
======
" كرة قدم حمراء " ؟؟!!
" بابا ... أرجوك .. اشتري لي " كرة قدم " .. فأنا أحب هذه اللعبة كثيراً .. وأحب " كرة القدم " كثيراً ... فأرجوك يا أبي .. اشتري لي " كرة قدم " .
" سلام " هو اسم الطفل .. الطفل " سلام " هو ولدي .. ولدي الوحيد الذي رزقت به بعد سنوات طوال من الزواج .. عشتها بين الأمل والألم .. الرجاء واليأس .. إلى أن رزقنا الله به أخيراً .. وأسميته " سلام " .
منذ نعومة أظفاره ؛ كان متعلقاً بلعبة " كرة القدم " ؛ كان يحب مشاهدة تلك المباريات التي كانت تنقلها محطات التلفزة سواءً المحلية أو الأجنبية .. ؛ فينفعل بشكل غريب أثناء مشاهدته لتلك المباريات لدرجة أنه كان يتفاعل معها وكأنه أحد اللاعبين .
دوماً ؛ كان يردد على مسامعي بأنه يود أن يكون " لاعب كرة قدم " عندما يكبر .. ودائماً كان يردد على مسامعي :
" بابا ... أرجوك .. اشتري لي " كرة قدم " .. فأنا أحب هذه اللعبة كثيراً .. وأحب " كرة القدم " كثيراً ... فأرجوك يا أبي .. اشتري لي " كرة قدم " .
دوماً ؛ كان يطلب مني أن تكون " كرة القدم " ؛ تلك التي كان يريدها ؛ أن تكون باللون الوردي .. الزهري .. فهو يحب لون الورد والزهور ، فكنت أردد دوماً على مسامعه :
" سوف أفعل يا بنيّ .. سوف أفعل يا " سلام " .. سأشتري لك " كرة القدم " الوردية .. الزهرية .. فقط ؛ عندما تكبر قليلاً.
هذا الصباح ؛ وبعد أن ألقى عليّ تحية الصباح ممزوجة بقبلة طفولية رائعة .. بادرني بابتسامة ملائكية عريضة :
" ها أنا قد كبرت يا والدي .. وها قد أصبحت كبيرًا بما فيه الكفاية .. وأريد منك أن تشتري لي " كرة القدم " .. الوردية .. الزهرية .. "
حملته بين يديّ بحنو وسعادة .. ضممته إلى صدري وقلبي .. قبلته قبلة أبوية رائعة .. هتفت به :
" حقاً .. فها أنت قد أصبحت كبيراً بما فيه الكفاية .. فها أنت قد أصبحت طفلاً كبيراً .. شاباً صغيراً .. وسوف أشتري لك اليوم مساءً تلك الكرة الوردية الزهرية التي كنت وما زلت تحلم بها .. فسوف أحضرها لك اليوم ؛ بعد أن نشاهد سوية مباراة " كرة القدم " التي ستقام اليوم في المدينة .. بين فريقين من فرق الدرجة الأولى .. ولا شك بأنها سوف تكون مباراة رائعة .. وبعد انتهاء المباراة سوف أقوم بشراء " كرة القدم " التي تحبها ... " كرة القدم " الوردية .. الزهرية .. والتي تحلم بها دائماً " .
القبلات الطفولية الرائعة انهمرت على وجهي بغزارة من طفلي الجميل .. وكأنه يقدم لي واجب الشكر سلفاً على تلك الهدية الجميلة التي سأقوم بابتياعها له .
الفرحة الغامرة كانت تسيطر على جميع حواسه ومشاعره .. كان ينطلق من مكان لآخر بخفة ورشاقة الفراشة وهو يردد بعض الأغاني الطفولية المرحة .
إلى أن حان المساء ؛ واقترب موعد بدء المباراة الموعودة .. فاندفع نحوى ببراءة وسعادة وهو يهتف :
" هيا يا أبي .. هيا بنا .. هيا بنا إلى أرض الملعب .. لكي نشاهد المباراة الموعودة .. ولكن ؛ لا تنس يا أبي بعد انتهاء المباراة أن تشتري لي الكرة الموعودة" .
ملعب " كرة القدم " الفسيح كان مكتظاً بالمشاهدين الذين أخذوا في متابعة مجريات المباراة بحماسة وانفعال ..
ترتفع هتافات التشجيع من هنا وهناك حتى تصل عنان السماء .
صخب .. ضوضاء .. صراخ .. طبل . صفير .. ضحكات .. قهقهات من الجميع .
" سلام " ولدي ؛ كان سعيداً مرحاً كما لم يكن في يومٍ من الأيام .. يتابع .. يضحك .. يقهقه .. يلوح بيديه .. يركل الهواء بقدميه .. متابعاً باهتمام تقاذف الكرة بين أقدام اللاعبين .. ينفعل .. يصرخ .. يضحك .. فهذه هي أول مرة يشاهد فيها مباراة مباشرة .. على أرض الواقع .. فكانت سعادته لا توصف .
قبيل انتهاء المباراة بقليل .. كان الحدث .. وكانت المفاجأة ..؟؟!!
فثمة صوت مجلجل معربد كقصف الرعد أو أشد .. كان يدوي في المكان .. فثمة انفجار رهيب مزق سكون المكان برمته .. تبعه دخان كثيف حجب الرؤيا عن أعين الجميع .. تناثرت الأشياء والأشلاء في كل مكان ..
الصراخ المدوي يطغى على المكان من كل ناحية .. لم يكن صراخ السعادة والفرحة والقهقهات .. كان صراخ الألم والجراح والموت ؟؟!! .
الجميع كانوا يحاولون الفرار من المكان .. يحاولون النجاة بأرواحهم والهروب من الموت الذي كان يحاصرهم من كل ناحية .
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أتطوح في الهواء وأستقر على الأرض بقوة وعنف بعيداً بعيداً عن المكان الذي كنت أجلس فيه .. شعرت بالغثيان وحالة من الإغماء الشديد تكاد أن تسيطر على كياني وجسدي ..
حاولت عدة مرات أن أنهض من مكاني دون جدوى .. حاولت أن أفتح عينايّ التي أصيبت بما يشبه العمى لشدة الانفجار وكثافة الدخان .. صرخت بأعلى صوتي الذي تلاشى بين الأصوات الصاخبة الهادرة :
" ولدي ... " سلام " ... ولدي .
نهضت من مكاني بتثاقل ... تطوحت هنا وهناك .. اندفعت من بين الجموع المضطربة والجثث والأشلاء الملقاة على الأرض في كل مكان .. وأنا ما زلت أصرخ بجنون : 
ولدي .. أين أنت يا ولدي ؟؟؟
بعد لأيٍ شديد .. كنت أصل إلى حيث كان يجلس وحيدي إلى جانبي .. جلت ببصري في كل الاتجاهات .. وأنا ما زلت أصرخ بجنون ..
أخيراً ؛ وقع بصري عليه .. كان ملقً في مكان بعيد .. اندفعت نحوه ... اقتربت منه أكثر فأكثر .. هالني الأمر .. فالدماء كانت تغطي وجهه وجسده بكثافة .. 
دنوت منه أكثر .. انحنيت نحوه .. مددت بكلتا يديّ أهزه برفق .. بعنف .. حملته إلى صدري .. إلى قلبي .. 
فتح عينيه ببطء .. فتح فاهُ بمشقة .. هتف بحروف وكلمات .. قبل أن يغلق فاهه وعينيه إلى الأبد :
" بابا ... أرجوك .. لا أريد أن تشتري لي " كرة قدم " .. فأنا لا أحب هذه اللعبة مطلقاً .. ولا أحب " كرة القدم " أبداً ... فأرجوك يا أبي .. أرجوك .. لا تشتري لي " كرة قدم " .؟؟؟!!
google-playkhamsatmostaqltradent