جواهر البلاغة
الفصاحة
الحلقة الثانية
فصاحة الكلام
■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■
فصاحة الكلام سلامته بعد فصاحة مفرداته مما يبهم معناه ويحول دون المراد بفصاحة الكلام أن يكون واضح المعنى سهل اللفظ حسن السبك يجب أن تكون كل لفظة من ألفاظه واضحة الدلالة
وتتحقق فصاحة الكلام بخلوة من ستة عيوب
1 .تنافر الحروف
2. ضعف التأليف
3. التعقيد اللفظي
4. التعقيد المعنوي
5. كثرة التكرار
6. تتابع الإضافات
الأول : تنافر الكلمات مجتمعة أي تكون الكلمات ثقيلة من تركيبها مع بعضها على السمع عسرة النطق بها مجتمعة على اللسان
والتنافر نوعان
ا. شديد الثقل كالشطر الثاني في قوله
وقبر حرب بمكان فقر
وليس قرب قبر حرب قبر
ب:وخفيف الثقل نحو قول أبي تمام
كريم متى امدحه امدحه والورى
معي وإذا ما لمته لمته وحدي
الثاني ضعف التأليف أن يكون الكلام جاريا على خلاف ما اشتهر من قوانين النحو المعتبرة عند جمهور العلماء -كوصل الضميرين وتقديم غير الاعرف منهما على الاعرف مع أنه يحب الفصل في نحو هذا كقول المتنبي
خلت البلاد من الغزالة ليلها
فاعاضهاك الله كي لا تحزنا
وكالاضمار قبل ذكر مرجعه لفظا ورتبة وحكما في غير أبوابه نحو
ولو أن مجدا اخلد الدهر واحدا
من الناس أبقى مجده الدهر مطعما
الثالث :التعقيد اللفظي هو كون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد به بحيث تكون الألفاظ غير مرتبة على وفق ترتيب المعاني
وينشأ ذلك الخفاء من تقديم أو تأخير أو فصل بأجنبي بين الكلمات التي يحب أن تتجاوز ويتصل بعضها ببعض وهو مذموم لأنه يوجب اختلال المعنى واظطرابه
كقول المتنبي
جخفت وهم لا يجخفون بها بهم
شيم على الحسب الاغر دلائل
أصله -جخفت (افتخرت )بهم شيم دلائل على الحسب الاغر وهم لا يجخفون بها
الرابع .التعقيد المعنوي وهو كون التركيب خفي الدلالة على المعنى المراد به لخلل في انتقال الذهن من المعنى الأصلي إلى المعنى المقصود بسبب إيراد اللوازم البعيدة المفتقرة إلى وسائط كثيرة مع عدم ظهور القرائن الدالة على المقصود بأن يكون فهم المعنى الثاني من الأول بعيدا من الفهم عرفا كما في قول العباس ابن الاحنف
ساطلب بعد الدار عنكم لتقربوا
وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
جعل سكب الدموع كناية عما يلزم فراق الأحبة من الحزن والكمد فاحسن وأصاب في ذلك ولكنه أخطأ في جعل جمود العين كناية عما يوجبه التلاقي من الفرح والسرور بقرب احبته وهو خفي وبعيد
الخامس. كثرة التكرار كون اللفظ الواحد اسما كان أو فعلا أو حرفا وسواء أكان الاسم ظاهرا أو ضميرا تعدد مرة بعد أخرى بغير فائدة كقوله
إني واسطار سطرن سطرا
لقائل يا نصر نصر نصرا
السادس. تتابع الإضافات كون الاسم مضافا إضافة متداخلة غالبا
كقول ابن بابك
حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي
فأنت بمرأى من سعاد ومسمع
فيه إضافة حمامة إلى جرعا وهو تأثيث الاجرع وهو المكان ذو الحجارة السوداء أو مكان الرمل الذي لا ينبت شيئا وجرعا مضافة إلى حومة وهي معظم الشيء وحومة مضافة إلى الجندل بسكون النون وهو الحجر والمراد به مكان الحجارة