recent
أخبار ساخنة

حكاية مصرية بقلم الأديب- سمير الخولي

سلوي علي محمد
الصفحة الرئيسية


Image may contain: text


......حكاية مصريه ...........1


بنت مصريه ولدت فى القاهره فى نهاية الثلاثينيات والدها كان موظفا فى مصنع الثلج ومثل معظم رجال هذه الفترة كان تماما مثل سي السيد الذى رايناه فى ثلاثية نجيب محفوظ بل واكثر كان شديد الشبه بالفنان يحى شاهين فى الطول والعرض وفاقه فى البشاشة وجمال الوجه كانت له اوامره نزواته وكانت له ايضا زيجاته ومن احدى هذه الزيجات ولدت بطله حكايتنا فتاة جميلة يافعة وباوامر سي السيد لم تكمل تعليمها ولكن كانت قويه بما يكفى لان تقنع والدها ان تنزل للعمل واصبحت رغم صغر سنها أمهر قريناتها فى مجال عملها فى مصنع كبير للملابس القطنية التى كانت الصناعة الاولى فى مصر ويتم تصدير انتاج مصنعها لكل دول العالم الفتاة الجميلة اصبحت حلم كل من تقع عيناه عليها اما حلمها هى فقد كان مصنع صغير تديره هى ورجلا يشاركها حلمها ولا يكون سيدا آخر عليها ولكن يبدو ان قدرها لم يشأ الا ان يكون الرجل الثانى فى حياتها بعد أبيها هو ايضا سي السيد باسوأ صفات بطل الثلاثية ولكن لن نتعجل الاحداث ولنرى ماذا حدث لبطله قصتنا فى الحلقة القادمة .

..ً............حكايه مصريه ..........2

من بعيد كان يراقبها ورغم أنه كان متزوجا إلا انه هام بها عشقا كانت تلاحظ محاولاته للتقرب منها والحديث معها ولكتها لم تفكر به يوما كفتى لاحلامها كانت لم تتجاوز العشرين بعد ولكن فى هذا الوقت من الزمن كانت الفتاة تتزوج منذ سن الرايعة عشرة لم يخطر ببالها ابدا ان تكرر ماساة أمها رغم انه كان عاديا فى ذلك الوقت ان يتزوج الرجل امراة واثنين وصاحبنا لم ييأس كان حلمه فى المصنع الخاص هو نفس حلمها وبدأ يستغل هذا الحلم فى الحديث معها والتسلل الى قلبها لم يجد منها ردا شافيا استجمع شجاعته وذهب مباشرة الى والدها يطلب يدها ورفضت من جديد ولم ييأس بدأ يطرق ابواب كل أقاربها حتى وجد ضالته فى خالها اكثر الناس تأثيرا عليها وأقنعها خالها ان تفكر وذكرها انه سيشاركها حلمها وسيكون أمينا عليها وقررت ان تفكر ولم يعطها فرصة للتفكير فهو معها طوال اليوم بالمصنع وبعد العمل أمام بيتها وتحت شباكها فى كل الوقات وادار راسها وملك قلبها وتزوجته واستقالا سويا باعت ذهبها وسحبت كل ما أدخرت اثناء عملها وشاركها هو ايضا وبدأ يخطوان اولى خطواتهما لتحقيق حلمهما المشترك اشتريا الالات واستأجرا المكان ودارت عجلة الانتاج ليخرج الى النور اول منتج يحمل اسم مصنعهما ويخرج الى النور معه مولود يحمل اسميهما ودارت عجلة الانتاج كانت تضع ابنها فى صندوق بجوارها وتعمل وتعمل وزوجها يحمل المنتج ويذهب به الى الاسواق حتى اصبح من كبار التجار فى هذا المجال تحملت الكثير جدا فهى تقضى وقتها كله بين العمال والالات ثم تحتضن وليدها وتنام وقد اضناها التعب والارهاق ولا يخفف عنها الا ابتسامة ذلك الرضيع بين يديها الذى اصبح هو كل حياتها اما زوجها فقد عاش حياة تجار هذا الزمان وجرى المال بين يديه فبدأ يسهر ويسهر مع باقى التجار صبرت كثيرا وتحدثت معه كثيرا ولكنه اصر ان يصبح سي السيد بكل عيوبه ولكنها ابدا لن تكون الست أمينه مهما كلفها ذلك........ 

............حكايه مصريه .........3

لم تكن سيده وهذا إسم بطله قصتنا تمتلك مقومات الست أمينه بطلة الثلاثية الشهيرة كان إسم بطلتنا هو عنوان شخصيتها سيدة هى رغم طيبتها إلا أنها أبدا لم تكن تستهين أو تتنازل عن كرامتها ... كانت سيدة فعلا وكان أمامها الأن إما أن تخضع وتستكين وإما أن تتنازل عن حلمها وتعبها وكان الأختيار بالنسبة لها سهلا ويسيرا فليضيع حلم المصنع والزوج ولكن هناك حلم آخر يجب أن يستمر ويبقى ويكبر حلم ذلك الصغير النائم بين أحضانها والساكن فى قلبها وبهدوء حملت طفلها وشنطة ثيابها ووقفت أمام سي السيد قائلة إنى راحلة أنت والد طفلى لن أدخل معك فى اى نزاع فقط أريد طفلى وحريتى وكان يعرف صلابة تفكيرها وقوة إصرارها حاول أن يثنيها عن قرارها ولكنها ذكرته أنها تنازلت وصبرت عدة مرات ولكنه كان دائما ما يخلف وعده ويعود الى شخصية السيد عبد الجواد بوجهها القبيح فقط حملت طفلها الذى لم يتجاوز عمره السته أشهر ومضت به بعد أن ودعت أباه وأيضا حلمها الصغير الذى حققته ولكنها مضت وفى رأسها حلم آخر ستعمل من أجله حلم ستراه يكبر بين يديها وفى أحضانها إستاجرت شقة صغيرة ضمتها هى وابنها وأمها وعادت إلى عملها الأول وبدأت رحلة شاقة جديدة مع الحياة حصلت على لقب مطلقة وعمرها لم يتجاوز الرابعة والعشرين وما أصعب أن تحمل إمراه مصريه هذا اللقب فى الستينيات ولكنها تغاضت عن كل ما يحيط بها ولم يعد يعنيها ألا هذا الطفل الذى بدأ يكبر بين يديها ها هو يحبو يمشى يتكلم وهى فى قمة سعادتها وأيضا شبابها وجمالها ولا شئ تستند عليه ألا ربها وزراعها وكبر الصغير حتى أصبح صبيا يملأ الدنيا حولها صخبا وضجيجا ويهبها بعض سعادة حرمت منها ثمانى سنوات مضت والصغير فى مدرسته وهى فى عملها وتسقط مغشيا عليها تعبا وأعياء ويأتى الطبيب يسعفها ويطلب منها أن تاتى فى الغد الى المستشفى لاجراء بعض التحاليل والفحوص الطبيه ... 
............حكاية مصرية ........4
تذهب سيدة إلى المشفى وهى تحمل قلقها فى رأسها ماذا حل بها لم تشكو يوما ألما ما فى جسدها كان ألمها دفينا فى أعماقها وجدت الطبيب فى انتظارها قابلها بإبتسامة مالك مخطوفة ليه كده متقلقيش حنطمن بس على صحتك بعض التحاليل والفحوص وابتسم وهو يقول لازم اطمن عليكى ابتسمت ظنت أنها مجاملة طبيبه وأمتثلت راضية لكل ما أمرها به وأخيرا قال لها لا لا احنا كويسين اوى الحمد لله مجرد ارهاق فقط لاغير مطلوب منك قليلا من الراحة وبلاش نظرة الحزن دى كل شئ بيعدى المهم تخلى بالك من صحتك بدأ اهتمامه بها يزداد شيئا فشئ وهى تلاحظ ذلك الى أن قال لها أريد ان أقابل والدك يشرفنى أن تكونى زوجتى أخبرته أنها مطلقة ولديها طفل فى السابعة من عمره وقاطعها معلنا أنه يعرف عنها كل شئ وقاطعته أيضا أنها لا تعرف عنه أى شئ بدأ يتكلم عن نفسه أنا فلسطينى حضرت الى مصر طفلا مهجرا مع أهلى بعد حرب 48 عشت هنا وتعلمت هنا وها أنا أعمل هنا مثلى مثل كل الفلسطينين احتضتنا مصر ولم تفرق بيننا وبين المصريين سواء فى التعليم أو العمل او المعيشة حتى بطاقات التموين ضحكا سويا وطلب منها أن تخبر والدها أنه سيزوره اليوم خرجت مسرعة لا تعلم هل هى سعيدة ام حزينه فكرت فى إبنها وهل سيحب هذا الرجل وهى هل ستسطيع أن تعطى كل منهما حقه عليها وفى النهاية استقرت على أن تضع الامر كله بين يدى الله ييسر الأمور كما يشاء ربما اراد الله أن يعوضها وإبنها خيرا بهذا الرجل وتزوجا وكان طلبه الوحيد أن لا تخبر أهله أن لديها طفلا يكفى أنه هو يعلم هذا وأن الطفل سيكون فى عينيه ورغم ما ساورها من قلق الا أنها وافقت وتركت الشقة لامها وطفلها وانتقلت للعيش مع زوجها فى شقة أخرى قريبه ولكنها لم تغير عادتها بل ذاد اهتمامها بأبنها لتعوضه عن الساعات القليلة التى تقضيها بعيدة عنه والولد يتقدم فى تعليمه وجميع معلميه فخورين به ويحيطونه بالاهتمام والرعايه ومرت شهور وكل شئ يسير بصورة طبيعية رغم الضيق الذى يبدو أحيانا على وجه زوجها من شدة اهتمامها بأبنهاإلى أن شعرت بألم فى بطنها وجنينا يتحرك فى أحشائها احتضنت إبنها بحب وقالت له أنه لن يبقى وحيدا وسيكون له أخوة صغار هو كبيرهم سيحبونه ويحبهم فرح الصبى جدا وظل يداعب بطن أمه وهو يقول بعفويه ماما أنا عاوز بنت لا بنتين وسمعه زوجها فأمسك بيديها وطلب منها ان ينصرفا الى بيتهما وفى الطريق قال لها انه يريد ولد ولد فأبتسمت قائلة كل شئ بيد الله وما دخلى أنا انت طبيب وعارف وقبل الولادة بشهرين عاد زوجها الى البيت سعيدا جدا واخبرها أنه حصل على عقد عمل فى ليبيا والسفر بعد إسبوع كان سعيدا جدا لدرجة أربكتها قالت له إذهب انت أولا ودعنى هنا أضع مولودى وأحضر اليك ولكن بلهجة حاسمة قال لا لا أريد أن يأتى إبنى وأنا غير موجود ابنك هنا وحنبعتله كل مايحتاج اليه وهو عايش مع جدته ترعاه ويرعاها وسافرت ولاول مرة تترك ابنها وأصبح الولد بعيدا عن أمه المسافرة كما هو بعبدا عن أبيه الذى تركه ولا يسأل عنه إلا نادرا .......... وغدا نكمل

...... حكاية مصرية ........5
سافرت الأم الشابة مع زوجها تحمل حقيبتها فى يدها وتحمل فى قلبها وجعا لا ينتهى لفراق إبنها وفى أحشائها جنينا لا تدرى كيف سيكون حاله فى بلاد غريبه وبعيدا عن أهلها وذويها وعاش الصبى مع جدته الضريرة وأصبح هو نور عينيها وعصاها التى تتكئ عليها فلا تنام إلا وهو بين أحضانها ولاتأكل إلا من يديه كان الصبى مجتهدا فى دراسته محبوبا بين أقرانه واساتذته سعيدا فى أحضان جدته متحملا مسئولية إرضائها ورعايتها وأنجبت الام فى غربتها بنتا جميله سعدت بها وأرسلت صورها إلى إبنها فكاد يطير فرحا أن أصبح له أختا جميلة ولكن الزوج رغم أنه طبيب ومثقف إلا أن فرحته بإبنته لم تكن كاملة كان يتمناها ولدا يحمل قضيته على حد قوله ويكون سندا له فى غربته وطيبت ألأم خاطره وحاولت إقناعه أن كل شئ بيد الله ولا زال العمر أماهما طويلا وكان رده صادما إذ قال لها أنتى تقولين ذلك لأن عندك ولد فأنقبض قلبها وأحست بشئ ما فى قلب زوجها تجاه إبنها الذى أصبح يمثل عقدة للزوج فلم يعد يطيق سماع إسمه أو معرفة أخباره والصبى المسكين يتفنن فى كتابة الخطابات إليه وبستعرض بلاغته فى الكتابة أمامه ويخبره بما حصل عليه من درجات فى مدرسته ورغم كثرة ما كتب من خطابات لم يأته ردا واحدا منه على أيا من خطاباته وكان يكتفى بالخطابات التى ترسلها أمه ليطمئن عليها وعلى أخته الصغيرة ومضت الأيام والشهور وأنجبت سيدة طفله أخرى وحملت الطفلتين وحضرت فى زيارة لبلدها فطار ابنها فرحا وسعدت هى بحب إبنها لأختيه الصغيرتين فلم يكن يتركهما ابدا ألا وقت أن يناما فقط وجلست ألام مع ابنها تسقيه حب إختيه وتزرع فى قلبه لهما مكانة لا ينازعهما فيها أحدا ولم تكن تحتاج لكل ذلك فالصبى الذى حرم من حنان أبويه كان فى حاجة لم يهبه الحب والحنان وانتهت الزيارة وعادت الاسرة الصغيرة الى ليبيا بينما بقى الصبى مع وحدته وجدته والم فراق أحب الناس إلى قلبه واستمرت الحياة أحبتها كل جارتها وهى أحبتهم كانت تشترى منهم وتبيع لهم لكى توفر ما ترسله لابنها الذى بدأ يدخل مرحلة الشباب ويواصل تعليمه وتعوضه عن فقده لها وتتدخل السياسة فى حياة الاسرة الصغيرة يذهب السادات إلى إسرائيل ويقاطع العرب مصر وتفرق السياسة ليس بين الشعوب ولكن أيضا بين الأسرة الواحدة تسمع زوجها وهو ينفعل بين أصدقائه ويسب بلدها وأنها باعت القضية وذلك الكلام الذى دار فى هذه الأثناء فتحتد عليه وتثور لوطنها فتمتد يده عليها وتنام باكية حزينه ومع ظهور أول خيط للصباح تحمل طفلتيها وتفر عائدة لحضن بلدها ....... والى الحلقة القادمة

الاجزاء السابقة فى أول تعليق

google-playkhamsatmostaqltradent