تمدَّدَ نبيلُ مسترخياً
تمدَّدَ نبيلُ مسترخياً على بساطٍ من الزهرِ
المزركشِ والمتماوجِ الألوان ...
كانت شمسُ المغيبِ تتثاءبُ وقد غلبها النعاس ...
لا تزالُ بعضُ أشعتها تداعبُ أهدابَه المتعبة ...
فوق رأسِه كانت تتدلى أغصانٌ
تداعبها نسيماتُ المساء وتهزُّ أزهارَها بعذوبةٍ وحنان ...
كانت روحُه مضطربة وقلبُه واجفاً
تخيِّمُ عليه سحابةٌ من الشجنِ والغمِّ ....
مرتْ عليه سنين لم يمتِّعْ عينيه بمرأى وجهِ حبيبتِه ...
راحَ يتساءلُ وتتزاحمُ الخواطرُ في خيالِه وروحِه ...
ما معنى الحياة وما قيمتها بعيداً عن الحبيب ؟
لا شيء في الدنيا يُعوِّضه عنها أو يُسليهِ إيَّاها ....
كلُّ مباهجِ الدنيا ومِتعِها وحتى أقرب أحبائه إليه
لا تعادلُ لحظةً واحدةً من التمتعِ بوجه حبيبتِه ....
هي روحُه التي فارقته من سنين
وهل في الوجودِ ما يعادلُ روحَه؟
حتى قلبُه ونبضاتُه لم تعدْ كما كانت ...
يُحسُّ وكأنَّ قلبَه باتَ آلةً تعملُ دون حياةٍ وإحساس ....
كم تمنَّى وتشهَّى لو يراها مرةً ثمَّ يرحلُ
ويُبقي روحَه عندها ملاكاً حارساً
يحميها ويحتضنُها بحنانِه ....
لا أحد يتفهَّمُ حقيقةَ وعمقَ الحبِّ الرُّوحي إذا لم يختبرْه ويعيشُه ...
يُخطيءُ ويقسو بحكمِه من يتَّهمُ المحبَّ العاشقَ بالجنون ....
هو أعقلُ العقلاء وأعمقهم فهماً للأرواحِ والنفوسِ
كم من محبٍّ ضحَّى وفدى محبوبتهُ بروحه
لو لم تكن هي أغلى عليه من حياتِه لما فعلَ ....
كم يقولُ لها أنتِ أغلى ما في الوجودِ أغلى من حياتي وروحي
تستغربُ وتندهشُ هل هذا حبٌّ أم جنون؟؟؟؟
في عالمٍ طغتْ عليهِ المادةُ وسيطرتْ عليهِ مفاهيمُ التراب
وأصبحت الأنانيةُ عقيدةً وديناً هذا بالطبعِ جنون .....
لكنَّه يُجيبها والدموعُ تسبقُ كلامَه :سيدتي لو اختبرتِ
الحبَّ الحقيقيَّ لأحسستِ بما أُحسُّ وشعرتِ بما أشعرُ ....
أنتِ هي الحياةُ وبعيداً عنكِ تتوقفُ الحياة
وينتهي الزمانُ ويتلاشى الوجودُ .....
من يُحبُّ سيدتي يذوبُ يتلاشى ويفنى بمن يُحبُّ ...
أتمنَّى سيدتي ألفَ مرَّةٍ أن أذوبَ وأفنى بك من أن أبقى
بعيداً عنكِ محروماً من سحر عينيكِ
ومن دفءِ وعذوبةِ صوتكِ المنعشِ المحيي ....
أنتِ تكفرينَ إذا ما نعتني بالجنونِ ....
جنوني أن أبقى بعيداً عنكِ فأنتِ روحي وعقلي وقلبي
وبعيداً عنكِ فقدتها جميعَها ....
اعذركِ إذا ما تراءى لك حبِّي العميقِ الوفيِّ
المخلص الصادقِ الذي لم تتعودْ
عليه قلوبُ البشر المتنحِّسة المتحجرة ...
أعذركِ إذا ما حكمتِ عليه بالجنونِ والهذيانِ ...
ولكن لا الدُّعاء ولا البخور والشموع تُشفي جنونَ
الحبِّ الروحيِّ الخالصِ فالله قدَّسه وباركه ولو أخطأَ الناسُ فهمه ...
فقربكِ حبيبتي دوائي وشِفائي ....
حكمت نايف خولي