recent
أخبار ساخنة

الاستاذ/إبراهيم معوض يكتب قصة(الحصار)

الحصار / قصه قصيره / مجموعه بين الحياه والنوم
ـــــــــــــــــــــــ
بقلم / إبراهيم معوض
ــــــــــــــــــــــــــ
استيقظت من نومي مضطربا ويداي ترتعدان على كوب الماء الموضوع على المنضدة بجواري. ما هذا الكابوس المخيف . كم مرة يقولون لي لا تأكل كثيرا في العشاء ...
إن صوت المزمار ما زال يدوي في أذني والدف يطرق وكأنه يطرق حولي الآن وحتى ذلك الرجل الذي كان يتطوح يمينا ويسارا يتحرك أمام عيني على الستائر البيضاء . وكأنه حقيقة وليس حلماً مزعجاً
ولا أنسى وجهه الذي  يحمل عليه فظاظة كأنما استقاها من جهنم ما هذا؟ إن صوتي قد تحشرج وأشعر بالألم في حنجرتي وكأنى كنت أصرخ صراخا واقعياً ولكن كيف؟ إنني لو ارتفع صوتي قليلاً لاستيقظ البيت كله  حاولت النوم مرة أخرى ولكن جفوني لم تطبق على عينين متحجرتين كالصخر وعقلي يدور والفكر يمرق في خلاياه ماذا وراء هذا الحلم العجيب؟؟ وما الذي قذفه في عقلي الباطن إنني لم أحضر زاراً في حياتي ولم أر أي إنسان ممن رأيتهم في هذا الحلم حتى يستقر في عقلي وإن كان هناك ملامح مختلطة في بعضهم أعرفها بعض الشيء إلام يشير هذا الزار ؟؟ الذي يترك الناس كل شيء من أجله ويتجمعون في حلقته يهزون أجسادهم ويبعثرون شعورهم وكأنهم من أهل الجان وهذا الرجل الذي يتلوى المزمار في يده وكأنه الثعبان أجلس وحدي على باب خيمة هائلة وكأنني حارسها أوقد النار حتى أتدفأ والكل من حولي  يتدافع إلى الزار المقام هناك على مرمى النظر  حتى ذلك الرجل ذو اللحية الكثيفة السوداء الذي يحمل في يده المسبحة تتراقص حباتها على دقات الدف ورقصات  المزمار ذهب إليهم هو الآخر وجلس يذكر تعاويذاً غريبة لم أذكر منها حرفاً . خوت الخيام من حولي ولا يوجد سواي أعاني وحدتي حول النار والبرد الشديد وفجأة هجم أناس يحملون السيوف اللامعة  ويركبون الخيول السريعة تتحرك كالبرق الخاطف ولكنها ليست خيولا عربية وجوهم تشبه وجود الهنود الحمر ويرتدون زيا مشابهاً لهم كيف علموا هذا التوقيت ؟ كيف اختاروا الوقت؟ أم أنهم من حددوه ؟!   وفجأة  شقوا الخيام وساقوا الإبل والأنعام وأخرجوا كل النساء من الخبايا سبايا كيف تكون حرباً وأنا الجندي الوحيد في مواجهة هذا الطوفان أعزل بلا سلاح وكل الرجال مشغولون بالزار والأطفال تعوي بجواري هل أدفع بنفسي إلى الموت أم أتخاذل ؟ وأضع رأسي في الرمال لم أفكر طويلاً اندفعت طاوياً الرمال إلى الزار أصرخ بأعلى صوتي "يا أهل الحي. إن الحي قد نسف . نساؤكم سبايا . وأطفالكم ضحايا . وسيوفكم في أغمادها" . لكن لا جدوى المنشد يردد ترانيمه والرجل ذو اللحية السوداء حول مائدة النار  يمرر يده عليها فتزداد سعاراً فيضحك ويصفق كالمعتوه . وأصوات المزمار والطبول العتيقة تلتهم صوتي المبحوح أعاود الصراخ بألف حنجرة ولكن الآذان قد صمت  والنخوة البدوية المعهودة ماتت  والطبل والزمر مستمران وفجأة يصمت الجميع ليس من تأثير صوتي ولكن على صوت صهيل وصليل يحيطان بالمكان وطبق صدري وكأن صخرة عملاقة وقعت عليه وأحسست أن يداً غليظة تمتد إلى عنقي تخنقني كأني أتنفس من ثقب إبرة فصرخت صرخة أخيرة مكبوتة -كانت صرخة الحياة بالنسبة لي- حينما أفقت على  حجرة نومي كما هي ولا أثر للصهيل والصليل إلا داخلي

google-playkhamsatmostaqltradent