recent
أخبار ساخنة

الأستاذة. ايمان علي عبد الهادي تكتب(زوايا حادة )

زوايا حادة
..............
جلست في تلك الزاوية الصغيرةِ المنعزلة، والتي تلجأ إليها كلما ضاق بها الحال،  تتشبث بالظلام وكأنها تخشى أن يعيدها الضوء إلى تلك الحقيقة البائسة التي تعيشها.
تظل قابعةً بمكانها كشجرةٍ يائسة أرهقها الخريف وهجرتها كل طيور الفرح،
تساءلت: منذ متى وأنا وحيدة ؟!
تناثر السؤالُ شظايا أعادت فتح كل الجروح القديمة، وبدأ النزف من جديد يروى أشجارالصمت الممتدة بطول طريقها المؤدى للنهاية.
لملمت شتاتها، ونظرت داخل صندوق ذاكرتها المغلق باحكام، بحثت عنها رأتها هناك تلتصق بالجدار المواجه للفناء، تنظر إلى أقرانها الذين يلعبون ويتقافزون هنا وهناك، كانت تتمنى لو أنها معهم فى كل مرة تحاول أن تنضم إليهم تتسمر قدماها بالأرض، مازالت تتذكر وجه معلمتها الحاد عندما رفضت أن تلعب فعنَّفتها وتركتها لتزداد التصاقا بالجدار.
هربت إلى زاوية أخرى رأت هناك صديقتها الوحيدة، توأم روحها التي لا تكف عن الحركة، ضاحكةٌ هي، جريئة تنطلق كعصفور لا يهاب النسور، أحبتها كثيرا تآلفت معها، انطلقت عبر البراح بحب، داعبتها ابتسامة كادت أن تنسى طعمها, لاكتها ببطء تحسست ذلك التجويف الصغير بثغرها، تمنت لو اتسع قليلا  لكنه لم يلبث أن اختفى حين تذكرت يوم انتقلت إلى تلك المدينة وحلَّقت بعيداعنها، تألمت لرحيلها ونظرت إلى السماء نظرة طويلة ثم عادت مرة أخرى إلى جدران ذاتها.
تسارعت دقات قلبها وهي تتعثر فى ذكرياتها حتى وصلت إليه، لا تدرى لماذا هو؟!  لقد سخر منها البعض، وضحك منها البعض، وحذرها منه البعض الآخر، لكنها كانت تنساق إليه وكأنها تأمل معه حياةً مختلفة، ربما ظنت لحظتها أنه مختلف.
انتفضت وقد قبض الوجع بكلتا كفتيه على قلبها فلم تستطع النبش فى صندوقها أكثر، أعادت إغلاقه وزحفت ببطء نحو الجدار، سمحت للضوء أن يغتال كل المصابيح، دارت بعينيها فى المكان حتى سقطت على تلك الصورة التقليدية، شعرت بتلك الرجفة تجتاح أوردتها، فازدادت التصاقا بالجدار وقلبها ينهار ببطء.
............................................
                                            إيمان على

google-playkhamsatmostaqltradent