أخلاق المؤمنيـــــــن الكامليـن
لأول مرة ، تتحقق للشعب سيادة نفسه ، ولقد عاش هذا الشعب المسكين حيناً من الدهر (لم يكن شيئاً مذكوراً) فلم يك يملك فرص التفكير بحرية ولا إبراز إرادته إلى واقع الحياة التى يرنو إليها ، حتى جاءت ثورة 25 يناير فحررت الوطن والمواطنين ، وفكت من أيدى الشعب وعقله إصره والأغلال التى كانت عليه ، فصار يعطى من ذوات نفسه ما يجعله بحق . وهذا الوضع الذى وصلنا إليه هو ما دعا إليه الإسلام وكون منه خير أمة أخرجت للناس فشريعة الإسلام أبعد ما تكون عن قبول ( حكم الفرد والاستبداد بالرأى ) دون وزن لآراء الجماهير ، فإن الله تعالى مع وحيه لرسوله ، وتأييده إياه فى كل المواطن . ومنحه العقل الذى يرجح على عقول الأمة بأسرها ، لم يرض له أن يقطع برأى دون الأمة ودون مشورتها ، بل جعل المشورة وتبادل الآراء من صفات المؤمنين الذين ادخر لهم الخير الباقى لديه ، فقوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) يعم سائر أنواع الحكم وغيره مما يعرض للشعب ويؤثر فى حاضره ومستقبله ، وانظر يا رعاك الله إلى وضع الشورى فى الآية بين أخلاق المؤمنين الكاملين ، فقبلها استجابة لله وإقام الصلاة ، وبعدها الإنفاق فى وجوه الصالح العام ، مما يشير إلى وجوب الاعتماد فى الشورى على أهل الذكر . وما دمنا نعترف من صميم قلوبنا بعظمة دين الإسلام وشموله وإحاطته بما يصلح معاش الناس ومعادهم ، ويخطط لهم دينهم ودنياهم ، فليس هو دين طقوس معزولة عن حياة الناس ، بل هو متغلغل فى جميع شئونهم الخاصة والعامة ، وما من باب من أبواب الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع أو الحرب أو الثقافة أو العلاقات الدولية أو القومية إلا وفى الإسلام له قاعدة ونص ، ولقد آن الأوان للتخلص من قوانين وضعت فى العهد السابق ، جلبت علينا الشقاء فى ديننا ودنيانا وسمعتنا كحفظة للتراث الإسلامى ، ومنها على سبيل المثال ( لا الحصر) ما يتعلق بجريمة هتك العرض والفعل الفاضح ، فإنه فى بعض صوره إقرار للتدهور الخلقى الــــذى إن ساغ لدى دول تستمرىء الفسق والفجور حتى صار لها شعارا ، فإنه لا يسوغ فى بلد بها الأزهر الشريف كعبة الإسلام ومناره وبها أباة الضيم وأبطال العفاف والشرف ، وأعتقد مخلصاً لربى ثم لوطنى ومواطنى أن قوانين الإسلام ودستوره الخالد فى التعدى على الأموال العامة وتخريب مرافق الدولة وجرائم السرقه والنهب وقطع الطريق . وغيرها مما يعرض أمن الناس للخطر لو طبقت قوانين الإسلام بحزم وحسم لانقطع دابر القوم الذين ظلموا . ولأراح الله البلاد والعباد . والأمل كبير فى أن تتبلور الآراء الوطنية أخيراً إلى ما يشبه الإجماع على اختيار الإسلام ديناً ودستورا وقانوناً : ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء . وهو العزيز الرحيم ) ( فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ) صدق الله العظيم .
الأديب / الشاعــــــــــــر
د / فـوزى فهمـى محمــد غنيــــــــــــــم
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com