قصة قصيرة
*متاهة في رأس أمي *
جلست بجوار أمها
تراقبها عن كثب تحاول جذب انتباهها بالحديث فتداعبها الأم وتربت بحنان عليها ثم تحتضنها تلاحظ الفتاة رغم أنها في حضن إمها إلا أن شيء ما يشغل أمها ويأخذها بعيداً عنها!
تكبر الطفلة وتظهر عليها علامات النضج كما سائر إخواتها
ولكن عقلها كان أكثر نضج فمازالت تراقب أمها
وتحدث نفسها قائلة
أمي تشاركنا الحديث
وتشاركنا الضحكات
ونفتح لها قلوبنا فتصغي لنا وتقدم لنا النصائح
دون أن تشتكي هي من كثرت حمولنا
ولكن كلما جلست وحدها أجدها شاردة وكأنها تعيش في عالم غير عالمنا
تري ماذا يجول بعقلك يا أمي ؟
فبرغم وجودك معنا أشعر أنك تائهة
ذهبت إلى أمها لتسألها عما يشغل بالها
فما كان من الأم ال أن قالت لها
عندما تصبحين مثلي سوف تعلمين
فقط حاولي أن تستمتعي بحياتك!
تمر الأيام والأعوام سريعاً وتتبدل الأحوال على الفتاة فقد سارت أم
لتحتضن بدورها طفلتها الصغيرة التي لا تعي شيء بعد
وتغلق عيونها وتترك المجال الفسيح لعقلها ليفكر في مستقبل هذه الطفلة وتتسائل
هل سوف تستطيع أن تجعلها تنعم بحياة هادئة ؟
تفيق على صراخ طفلتها فتهدهدها وتربت عليها بحنان وتملأ معدتها ببعض من هذا الحليب الدافئ فتهدأ الطفلة وتشعر بالأمان وتغفو وهي لا تهبأ شيء في هذه الحياة يكفيها أنها في حضن أمها
تكبر الطفلة شيء فشيئاً
وتكبر معها مسؤليات الأم فيزداد إنشغالها على ابنتها
وتعطي لنفسها مساحة لتجلس وحدها وتسترخي من كل هذا الإرهاق والتفكير في مستقبل ابنتها الوحيدة
ولكن يأبا عقلها أن يستريح فيظل منشغل بكل تفاصيل الإبنة ويبني مستقبل وأحلام وردية لإبنتها كما كل الأمهات
فتقع عيونها على ابنتها وهي تتدلل أمام المرآة وتمشط شعرها
فتهرب دمعة من عيون الأم وتقول محدثة نفسها
رحمك الله يا أمي كنت أم لأكثر من فتاة وكانت دائماً البسمة على ثغرك رغم همومنا الكثيرة
دائماً ما تساءلت عن سبب شردان ذهنك وأنت معنا ؟
ودائماً ما كانت اجابتك عندما تصيحين مثلي سوف تعلمين!
وطلبت مني أن أستمتع بحياتي
فكيف لي هذا وقلقي على مستقبل ابنتي لا يجعل عيني تغفل
فها أنا يا أمي أصبحت مثلك تائهة شاردة الذهن رغم أن الله وهبني طفلة واحدة
الآن فقط علمت مدى معاناتك
لو علمت ما كان يجول بعقلك يا أمي حينها لتوقف قلبي من خوفك علينا وقلقك على مستقبلنا
أعلم أن المستقبل بيد الله تعالى
ولكن هكذا هي الأمومة!
رحمك الله يا أمي
#سناءأبوطبل