لـــــمْ أُدرِك البَحـــــر / سليمان دغش
لمْ أدرِكِ البَحرَ، في عَيْنَيْكِ أوَّلُهُ
واللانهايَةُ فيهِ مَوعِدي الأبدي
يا بَحرُ ما السِّرُّ فيكَ كَيْ تُحاصِرَني
منْ شَهقَةِ الرّوحِ حتّى آخِرِ الجَسَدِ؟
كأنَّ مَوجَكَ في دَمي عَواصِفهُ
هلْ يهدَأ المَوجُ والشّطآنُ مَوعدهُ؟
ما أبعَدَ الوعد في رؤيا السَّرابِ على فُقاعَةِ الزَّبَدِ!
السّندِبادُ رمى مجذافَ قارِبِهِ
وسَلَّمَ الرّوحَ سَرجَ الرّيحِ بوصَلَةً
يا ريحُ وَيحَكِ إنْ لمْ تَحملي جَسَدي
مِنْ أوَّلِ الدَّهر حتّى آخِرِ الأَمَدِ
مَنْ هَذَّبَ البَحرَ حتّى كادَ يَعزِفُهُ
على مَقامِ الصَّبا خِلخالُكِ الغَجَري
فهل رأى أحَدٌ بحراً بِهَيبَتِهِ يبكي
على قَدَمَينِ منْ شذا وندى
تعَمَّدَ الصُّبحُ ريقَهُما واستأنَسَ الخَمرُ كَعبَ الكَأسِ عالِيَةً
لو لامَسَ الماءَ حَوَّلَهُ إلى نبيذٍ على أيقونَةِ الخَلدِ
للبَحرِ عاداتُهُ ما كانَ غَيَّرَها
حتى رآكِ على الشطانِ عارِيَةً
في حَضرَةِ الشَّمسِ تَخطِفينَ خاتمَها
فتهجَعُ الشّمسُ فوقَ الماسِ خاشِعَةً
كأنَّ سُرَّتَكِ العذراءَ تَشهَقُها
نارَ الجحيمِ على الفِردَوسِ مُتَّقِدِ
لمْ أدركِ البَحرَ، قُلتُ البَحرُ يشبِهُني
فخَبّئي البَحرَ، في عينيكِ أوَّلُهُ
وخَبِّئيني أنا في البَحرِ واتّحِدي
سليمان دَغَش
فلسطيـــــن