يقال عادة , انك ما ان تود ان تفهم او تدرك شيئا ما , فهذا يعني انك تجهل ذلك الشي ولا تملك معلومات عنه , والشي الذي نجهله هو خارج حدود سيطرتنا , ومنفصل عن وعينا وادراكنا ,
لكن بمجرد ان ان تبحث عن ذلك الشي لتمد مجساتك التي تعتبر ادوات استكشاف لكل ما يحيط بنا , وما ان تبدا حواسنا بالوصول الى حدود وتفاصيل والغاز ذلك الشي حتى نبدا بالسيطرة عليه والالمام به والاحاطة بكل جوانبه
من هنا يقول فلاسفة ما بعد الحداثة , ان المعرفة قوة , لانها مهما تغلفت بكل الالوان البراقة تبقى هي باعث خفي للهيمنة والاخضاع , اننا نفهم الاشياء ونفكك تفاصليها لاننا نود ان نستعمل تلك الاشياء او نخضعها لرغبتنا وارادتنا
ويضيف ما بعد الحداثيون , ان كل معرفة لا تعني انها مرتطبة بالحقيقة لتشكل بنيانها المعرفي بل لانها هي في الاساس نتاج او تلاقح ما بين المعرفة والسلطة ,
فالمعرفة المسبقة المتكلسة داخل العقل تشكل سلطة في داخل ذلك العقل من حيث انه خاضع لنسقها وبديهياتها ويقينياتها , ومتى ما خرج العقل باستنتاجات معينة فلن تكون تلك الاستنتاجات سوى وليد شرعي ليقينيات العقل المسبقة التي استقاها خلال مسيرته والتي اصبحت بمثابة الركائز التي يستند عليها كونه غير قادر على السباحة في المجهول والانفلات في الفراغ , لانه والحالة هذه سيكون اشبه بطفل بقشة تحملها الريح حيث تشاء وسيظل العقل يخبط خبط عشواء ما لم يرتكن الى اسس وثوابت معينة كي ينطلق منها