recent
أخبار ساخنة

الأديب / إبراهيم معوض يكتب : الزلزال

الزلزال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يتابع الأخبار بنهم شديد؛ فثمة زلزال مرتقب أكدت كل المراصد أنه سيقع خلال أيام قليلة، يجمع العمال من كل أحياء المدينة؛ لترميم هيكل البيت كي تمر الأزمة بسلام، يغض الطرف عن أجورهم المرتفعة متعللا بسياسة العرض والطلب، فقد صار عمال البناء أهم شخصيات الدنيا هذه الأيام، لأن حفنة الأسمنت التي يضعونها بجوار الحائط الخارجي تخفف بعض القلق، الخوف يسيطر على الجميع، النشاط يملأ الحواري الفقيرة والشوارع الثرية، خلية نحل هائلة؛ عمل متصل ليل نهار، المرأه السمراء تتكوم في مدخل العمارة حاضنة أطفالها قريبة من البوابة الحديدية؛ كي يكون الفرار ميسراً، أطفال الشوارع يهاجرون من تحت الكوبرى الكبير؛ خوفا من سقوطه إذا حل الدمار، يجلسون على الأرصفة المكشوفة ترتعد أبدانهم من البرد، أصحاب الفيلات الفاخرة تملأهم الثقة في أساسات بيوتهم؛ ولكن الإحتياط جعلهم يضربون خيام السفاري في حدائقهم و يقيمون فيها، بعدما إنتهت أعمال الترميم أخذ يطوف بين سكان المنطقة الجالسين على حواف الطرقات، يوزع عليهم ما تبقى في خزينه من طعام؛ لابد أن يقدم الخير الكثير لكل الناس فقد ينقطع عمله بعد أيام، الإنتظار والقلق يحيل دون التلذذ بطعام أو شراب؛ فقد تأخر الخبراء كثيراً؛ ها قد تركوا لهم البيوت ورمموها كما طلبوا، العيون تبرق وكأنها تجرهم من مكاتبهم، حتى وصلوا بسيارات مغلقة تحوي أجسادهم النشيطة وحقائبهم المعدنية الكبيرة؛ أفسحوا لهم الطريق، إندفعوا بعقل ودراية يتنقلون من بيت إلى بيت لمعاينة قدرته على تحمل الدمار القادم، تقوم من بين الناس كعود لبلاب تقوس غصنه، تحاول الدخول إلى بيتها يمنعها الجمع المحتشد، فتصرخ فيهم فلا يستجيبوا، وبعد محاولات بين المنع والتقدم تركوها بعدما قالت لهم: ليس في العمر أكثر مما مضى.. يشيعها بعيون تكسوها الشفقة وقد تركت بقايا طعامها على الرصيف ودخلت بيتها قبل أن يأذن الخبراء، وما هي إلا دقا ئق وعادت بنشاط عصبي يمتزج ببكاء وصراخ، تخبرهم أن الخبراء قد نهبوا محتويات البيت الثمينة وملأوا بها حقائبهم، هرولت الأقدام تندفع بهمجيه يميناً ويساراً وكأن أصحابها قد فقدوا بوصلة العقل يلقي كل منهم بالتهمة على الآخر حتى لاذ اللصوص بالفرار، ولم ينج منهم إلا أطفال الشوارع يضحكون..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم معوض
google-playkhamsatmostaqltradent