حان الان ...
وسط الزحام المعتاد في شوارع القاهرة ، اصوات الاغاني الشعبية ، دوشة الاهالي والباعة المتجولين ، الا ان هناك سحر خاص ، جمال لايراه سوى من يريد ان يراهـ ..
وقف على رصيف ما ، يشاور لسيارة اجرة تقله الى نهر النيل ،بعد ان ركب سيارة الاجرة .. اخرج رأسه قليلا من نافذة السيارة ، مغمضاَ عيناهـ .. يتنفس بعمق ، .. استغرب السائق فسأله .. ؟
- ماسبب فعلك لهذا ؟؟
- اريد ان اتأكد انني على هذه الارض ..
- لا افهمك !.. وهل فقدت الشعور بنفسك !
- لا ، فقط لا اريد انا اكون مغترباً ..
استغرب السائق فقال :
- وهل يمكن ان يكون من في وطنه مغترباَ ..
- بالطبع،فأغلبنا مغتربون ..!
- ولكن كيف ، ايعقل هذا .. !
ابتسم الرجل وقال مشاوراً على مقهى ..
- ما رأيك بالجلوس هناك !
- وماذا عن التوصيل ؟
- سنكمله لكن بعد ان نتحدث .!
صمت السائق قليلا وقال :
- ساأتي معك ولكن سيبقى العداد كما هو لن اوقفه !
- وانا لم اطلب منك ان توقفه ..
- ولكن الوقت متأخرا ! ماذا سنفعل هناك ..
- فقط اتبعني ..
سمع السائق كلام "الرجل" وقاموا بالفعل بالذهاب الى المقهى ، بعد ان جلس كل منهما على كرسيين بمنتصفهما طاولة ، وضع عليها ، كوبين من الشاي وكوب من الماء ..
نظر السائق للرجل فوجده شاردا ، تزين الابتسامة شفتيه ، اقترب ان ينفذ صبر السائق فقال :
- ماذا تريد مني الان ؟
نظر له الرجل وقال :
- انسيت ! لقد اتينا لاشرح لك ماهو الاغتراب في الوطن ..
- لا لم انسى ،ما هو ؟
- - هل تحب وطنك ؟
صمت السائق لحظةٍ وبعدها قال :
- نعم احبه .. ! ، ولكن مادخل هذا بالا ....
- كيف تحبه ؟
سأله الرجل مقاطعاً اياه ..
- مممممممممم لا أدري فقط احبه ..
- اذا انت مغترب عنه ..
- ماذا تقصد ..؟
- يطلقون مصطلح مغترب ، على من يعيش في وطن ليس وطنه ، لكنه يعيش فيه ، يعمل فيه ، يمارس الحياة بشكل كامل فيه ، او على من يسافر طلبا للعمل فقط ، انا اطلق هذا المصطلح ايضا على من يعيش في وطن لا يقدم له أي شئ ،يتبرأ منه ، لا يرى فيه أي جمال او أي حياة ، فقط لا يشعر به ..
اظن ان عليك الذهاب الان .. ولكن قل لي كم اصبح الحساب في العداد .. ؟
- لا يهم ، فأنا لا اريد ان اكون مغتربا ..
قالها السائق ، وذهب .. وذهب الرجل الى حيث يريد ..
النهاية ..