recent
أخبار ساخنة

حب الأم -بقلم الشاعرة - | دلال أحمد الدلال

حب اﻷم
تزوجت صغيرة السن ،وبعد عام أنجبت ولدا كان مصدر سعادة لها ولزوجها، إلى أن وهبها الله بنتا؛ ثم بنتا، فظل هو الولد الوحيد إلى أن مات الأب ،وهو في الرابعة عشرة من عمره، أكمل دراسته الإعدادية ،اكتفي بها ليعمل مكان والده ،أصبح العائل الوحيد للأسرة ،أودعته الأم كل مشاعرها؛ التي انطفأت بعد موت الزوج ،جعلت كلمته الأولى والأخيرة في المنزل ...كان أهلا لهذه الثقة، زوّج أختيه بعد أن أكملت كليهما تعليمها الثانوي، تفرّغ لرعاية الأم ،لكنها طلبت منه أن يتزوج لتفرح بأولاده قبل أن تموت ،رشّحت له بنت الجيران الجميلة - ولا أخفيكم سرا فقد كان معجبا بها - تقدّم لها ؛تم الزواج بسرعة، لفرحة أهلها به لأنه شاب ناجح ذو سمة طيبة ،عاش معها في سعادة ،لكن الله لم يشأ أن ينجبا ،رغم رحلة البحث بين عيادات الأطباء ؛ الذين أكّدوا أن السبب منه ،ورغم ذلك تمسَّكت زوجته بالبقاء معه؛ رغم أنه خيّرها بينه وبين الطلاق ،وحياة أخرى ، مما جعل الأم تحبها وتجعلها في منزلة أكبر من منزلة بنتيها اللتين شعرتا بالغيرة منها ،انتقلت الأم للعيش مع ولدها بناءً على رغبته ،فقد كانت نبراس حياته وشريكة كفاحه ،كانت محبةً لزوجته فلا تناديها غير ببنت الأصول ،مرّ ثلاثون عاما ،كبر الابن وكبرت الأم ،كانت متعته الوحيدة أن ياخذ زوجته وأمه للحج والعمرة مرات ومرات وما أجملها من متعة ،حتى أصبحت الأم لا تقوَ على الحراك ،كان يطعمها ويسقيها بيده ،كما كانت تفعل وهو صغير... يأخذ بيدها لتتكئ على كتفه لتتحرك داخل المنزل ،يأتي لها بكل ماتشتهي من طعام ،يجلس تحت قدميها لتمسح على رأسه ،وهي تتلو أيات من الذكر الحكيم تختمها بدعوات الستر والصحة ،لكن " ليس كل ما يتمناه المرء يدركه..." فقد أصيب بالسرطان ذلك المرض الخبيث ذو النهاية المحتومة؛ الموت ،قرر أن يُخفي عن أمه خبر مرضه ،أودع السر صدر زوجته ،بدأ رحلة العلاج ،لكن القدر لم يمهله فمات فجأة ،كان الخبر كالصاعقة ؛نزلت على أمه وزوجته -ذهبنا جميعا للعزاء وكان عزاءً مهيبا، - لأنه كان أنسانا معطاءً ،يفتح الكثير من بيوت الفقراء بماله، ويعالج المرضى على نفقته ،كان البكاء عليه من القلب ،لكن كان هناك قلبا يعتصر ألماً وحزنا ،وينزف دما وتخرج صرخاته من بين الضلوع تدوي لتذيب الصخر ،كحمم بركانية تنصهر لتسقط تحرق قلوب الموجودين بالعزاء - وانا منهم - حين تنادي ابنها " خدني يا بلبل معك ساييبني لمين ،يارب عايزه ابني خدني ليه ،يا بلبل خد امك ،وحشتني مش هقدر اعيش من بعدك " تجلس زوجته تنتحب الى جوارها ، ثم وجدنا الأم صمتت قليلا،ثم قرأت الفاتحة،وأغمضت عينيها ؛تركتنا جميعا وذهبت لحبيبها، لبَّت نداء ربها بعد أن استجاب لدعواتها ،ماتت الأم لتلحق بابنها الوحيد، هل هناك أقوى من هذا الحب ؟أسألكم الدعاء لهذا الابن وتلك الأم بالرحمة والمغفرة.
دﻻل أحمد الدﻻل

google-playkhamsatmostaqltradent