............... سيده الاقدار .............
............حكاية مصريه............9
عادت سيدة وأسرتها إلى بيتها وقد ظنت أن الأقدار أخيرا قد ابتسمت لها وأنها ستمضى ما تبقى من عمرها فى سعادة وإستقرار صحبة زوجها وحولها أولادهها جميعا ولما لا فهاهى البنت الصغرى قد تزوجت مدرسا مصريا وأنجبت طفلة كما القمر فى تمامه أصبحت دلوعة العائلة كلها والكبرى أيضا تزوجت مصريا من جيران أخيها وإنتقلت للحياة فى القاهرة والصغرى شاء لها الله أن تتزوج من شاب سورى يعمل فى ليبيا والولدلن فى مدارسهما تحوطهما رعاية ابيهما وحنان أمهما حياة تبدو سعيدة ومستقرة وأصبح البيت مثل الجامعة العربية عاىلة واحدة فيها تضم ليبيا مقرا وفلسطين وسوريا ومصر ومرت سنوات قليلة وكشرت الأقدار عن أنيابها معلنة إنتهاء الهدنه مع تلك الأسرة فقد اتفق زعماء العرب وحكوماتهم على تشتيت شملهم والعبث بمصائرهم وتأثرت الأسرة الصغيرة بالأحوال العربية وتأثرت أكثر بالخلافات بين الحكومات وتدخلت السياسة مرة أخرى لتفسد حياة هذه الأسرة رغم أن أفرادها جميعا لا علاقة لهم بأى شى إلا بعضهم البعض وعلى أثر تلك الخلافات الحكومية أعلنت ليبيا إستغنائها عن العمالة الفلسطينية وأنها لا ترغب أن يحيا الفلسطينيون على أراضيها وأعلنت مصر إغلاق الحدود أمام الفلسطينيون العائدون من ليبيا حيثوالحدود المصريه هى المدخل الوحيد إلى أرض فلسطين لا فرق ألآن بين طبيب وإرهابى او شيخ وإمراة إتفقت إرادة زعماء العرب على الأطاحة بأحلام مئات الأسر التى قضت عمرها تكد وتكافح فى سبيل توفير لقمة عيش حلال ومستقبل أحسن لاولادها ومنهم أسرة بطلتنا انتقلت الابنتان المتزوجتان للعيش فى مصر لانهم زوجات لمصريين وبقيت سيدة وابتها الصغرى وولديها الطفلان يحاولون وجود حل هناك فهم أبدا لم يكونا إلا مواطنين شرفاء لم تحدث منهم مشكلة مع أحد والرجل الطبيب افنى سنينا طويلة من عمره يداوى جراح الاف المرضى الليبين بكل حب وضمير وكان الجواب دائما على كل سؤال هذه سياسة عليا إحنا نفسنا تفضلوا معانا أصبحت هذه الأسرة وأسر كثيرة مثلها وكأنهم التتار الذين يحاول قادة العرب انقاذ المجتمعات العربية منهم جميع المنافذ أغلقت فى وجوههم الوطن العربى الكبير إستعصى عليه أن يحمى بضعة أسر كل ذنبهم أن كبيرهم فلسطينى الجنسيه لم يشفع له أنه عاش عمره لا يعرف إلا عمله وبيته وأبنائه كل ذنبه أنه لم يصبح عضوا فى تلك المنظمات الكبرى التى حمت رجالها وأسرهم ليت كل من يصدر قرارا يعرف تبعات قراره وتاثيره على حياة البسطاء من الناس ليت كل من يصدر قرارا يترك كرسيه الوثير ولو قليلا ليتخيل ويحسب كم الدمار الذى سيسببه لمئات وربما الاف من البشر ولا تقل لى أمن الوطن فلدى كل دولة من الوسائل ما يمكنها من حماية أمنها ولكنه تعنت بعض القادة أو المسئولين ومحاولة وضع كل منهم للأخر تحت ضغط ومع الأسف لا ينكوى بنارهم إلا المطحونين من أبناء هذه الشعوب لأن الأغنياء وأصدقاء السلطة لا تقف أماهم حدود ولا تعنيهم قرارات وأمجاد يا عرب أمجاد نعود الى بطلنا ذلك الطبيب الذى لم يتعود تلك المهانة لم يستطع الرجل الصمود طويلا مريضا حزينا تاركا مصيره لله أولا ولهولاء المنتشين بكراسيهم الوثيرة سقط مريضا وسيدة تصرخ ولا كلمة تقولها إلا حسبنا الله ونعم الوكيل ويطلب منها أن تتركه وتلحق ببناتها فتنظر إليه قائلة وأنت هل تظن أنى سأتركك وحيدا بعد كل هذه السنين كان يعرف أنها لن تفعل ذلك كان يعرف وفائها وحبها له وعزيمتها التى لا تنهزم ولكنه كان يخشى عليها وهى تطمئنه وتحاول التخفيف عنه لم يكونا مجرد زوجين لكن كان كل منهما وطن للاخر وحصن يحتمى به وهو ينظر اليها ويقول أصيلة يا سيدة فتقبل جبينه دون كلمة واحدة وفجأة يصدر القرار رسميا ويقف احد قادة ليبيا وكأنه حرر القدس ليخطب قأئلا أن عليهم المغادرة عليهم أن يعودوا الى ديارهم الاصلية وهاهى سيدة وأسرتها يقفون أمام دارهم الذى شهدت جدرانه قصة كفاحهم وأيام شقائهم ولحظات فرحهم وحولهم التف كل أهل الحى يودعونهم بالدموع ساخطين بينهم وبين أنفسهم على تلك القرارات التى تفرق الأحباء والجيران سنوات طويلة مضت والطبيب يداوى جراحهم وسيدة تفتح بيتها لهم ولأبنائهم أصبحت الاسرة جزءا منهم نسى الجميع الجنسيات والأوطان أو تناسوا حضرت سيارة أجرة ركبوها ومعهم بعضا مما استطاعوا ان يحملوه متجهين إلى القاهرة والرجل تزدادآلامه تجمدت الدموع فى عينى سيدة وهى تغادر منزلها وجدت نفسها وأسرتها إشفاق الجميع وهى التى طالما إعتزت بنفسها وأسرتها وكرامتها مضت بهم السيارة صوب الحدود المصريه والرجل ينام حينا ويصحو حينا ويتألم دائما وأثناء الطريق لمحت سيدة السائق وهو ينظر إليها نظرة الصياد الذى وقعت عيناه على فريسه ولكن سيدة بدأت توقظ زوجها تحدثه تبث فيه الحياة حتى وصلا أخيرا لنقطة الحدود وكانت الصدمة مصر أيضا اصدرت قرارا بمنع دخول الفلسطينين القادمين من ليبيا إلى أراضيها أصبحوا عالقين على الحدود أطفال وشيوخ ونساء كتب عليهم أن يعيشوا فى الخيام بين حدود الدولتين لا يهم أن يكون هناك مرضى أو أطفال أو شيوخ الكل ينتظر لحين صدور قرارات أخرى وعلى مضض سمحوا للاطفال أن يدخلوا وهى ايضا إن أرادت لأنها مواطنه مصريه صرخت فى وجوههم الوطن ليس حدود وتراب الوطن حضن يجمع اسرة حضن يضم كل من يحبه هدأها زوجها وطلب منها إرسال الأطفال إلى أخيهم والذهاب معهم شفقة ورحمة بهم كانت تعلن أن هذان الولدان هم أمله فى الحياة هم أغلى عنه من نفسه وإنها إن انتظرت أسبوع سيصبح عمر الابن الاكبر سته عشر عاما ولن تتمكن من أن تجعله يدخل ولكنها لن تترك زوجها وترحل هكذا قررت أرسلت أبنائها مع أحد المسافرين الى القاهرة وأعطته رقم تليفون أخوهم وعنوانه وتركتهم فى السيارة وعادت لتمكث بجوار زوجها المريض وصل الولدان بحمد الله وتركهما أخوهم وأصطحب أخته الوسطى لكى يطمئنا على الأب والأم وما أن وصلا الى الحدود وقالا إسمه عرفا أنه محبوبا من الجميع وأنه يساعد الجميع سواء رجال الحدود أو العالقين معه تم إحضاره من المخيم هو وزوجته وأخبره إبن زوجته أنه سيصطحبه معه الأن الى القاهرة وسيخرج به من هنا بمساعدة بعض الزملاء فرحت سيدة إلا أنها فوجئت بزوجها يقول لابنها إنت أتجننت عاوز تضيع مستقبلك أبدا لن يحدث هذا أخبره أن السيارة فى إنتظاره داخل المنطقة الجمركيه وجواز سفره معه ولن يحدث شئ ولكنه أصر على الرفض وقال له لن أمون ابظا سببا فى أن يحدث لك أى ضرر كما أنى لن أعيش محبوسا أو هاربا فى القاهرة يلا خد أختك وأمشى وخلى بالك من إخواتك وتركهم عائدا إلى المخيم بدأ الالم يشتد عليه وزارته منظمة الامم المتحدة وأخذوه الى مستشفى برانى حيث اكتشوا أنه بحاجة ماسة الى غسيل كلى وفورا لأن حالته تزداد سوءا إستاجرت سيدة سيارة خاصة وقررت العودة به إلى المستشفى الذى كان يعمل بها هم أقدر على علاجه وما أن وصلت إلى هناك حتى إستقبله كل زملائه وكان منظرا رائعا يدل على مدى حبهم لهذا الرجل وأدخلوه فورا الى غرفة غسيل الكلى حيث قاموا معه بكل مايجب القيام به واحتجزوه فى غرفة بالمستشفى حتى تتحسن حالته وبعد عدة ساعات إستعاد وعيه وبعضا من عافيته وتحدث مع زوجته بهدوء طالبا منها أن تتركه هنا بين اصدقاء عمره وتذهب هى مع ابنتها الصغرى لتسلمها إلى زوجها فى سوريا ثم تعود إلى القاهرة وتنتظره إلى أن تتحسن حالته أكثر ويلحق بها كان ضروريا أن تسافر بإبنتها التى عانت أسد المعاناه فى المخيم وساءت نفسيتها جدا وأصبحت فعلا فى حاجة ماسه أن تنسي كل هذا الألم الذى عاشته رغم صغر سنها ولنا لقاء أخر معها فيما بعد سافرت الأم الى سوريا ومعها إبنتها مطمئنه بعض الشئ لوجود زوجها فى مكان يحبه ومع أناس يحبهم ويحبونه وصلت الأم إلى سوريا وقابلت زوج إبنتها وأهله ومكثت معهم يومان وإنصرفت وقلبها يتألم لحال هذه البنت لم تشعر بالأطمئنان عليها ولا بالراحة تجاه زوجها ولكنها اضطرت لتركها فهو زوجها وهى أيضا يجب أن تعود لزوجها كان اليوم هو الخميس ولم تجد طيران لليبيا إلا يوم السبت اضطرت للبقاء فهى أبدا لن تعود للقاهرة وتترك زوجها وحيدا ركبت طائرتها يوم السبت ووصلت إلى المطار وإستقلت تاكسيا الى حيث كان مسكنها لتغير ملابسها عند إحدى جارتها حتى يراها زوجها فى كامل زينتها وطرقت باب جارتها ففتحت لها والدموع تملأ عينيها إحتضنتها بقوة وهى تقول لها البقاء لله يا سيدة البركة فيكى يا أختى تركتها وركضت مسرعة إلى المستشفى وخلفها كل من كان موجودا من أهل الحى والجيران وصلت الى المشفى إستقبلها زملائه بالدموع والبكاء وأخبروها أنه توفى بالأمس الجمعة وأن جنازته كانت جنازة مهيبة وأن الاف المشيعين صلوا عليه فى ميجد المدينه الكبير وأن إبن عمه كان معهم هنا مات زوجها مات رفيق رحلتها مات دون أن تكون بجواره مات بعيدا عن أبنائه وأهله ولد فى بلد وكبر وتعلم فى بلد وعمل ومات فى بلد آخر مات ودفن بعيدا عن فلذات أكباده حفرت دموعها أخاديد على وجهها لأول مرة تشعر اليوم بغربتها لاول مرة تشعر أنها بعيدة عن وطنها وأمام قبره وقفت حزينه كسيرة تشكو لربها قسوة أقدارها ...... وغدا نكمل
الاجزاء السابقة اول تعليق