من قصص الحب العذري
اخترت لكم قصة جميلة قد البعض لم يسمع بها
وهي قصة بشر الاسيدي ومعشوقته هند
فهو بشر الاسيدي من بني عبد العزي وهو شاعر إسلامي متوسط الحال
وهند فتاة من قوميه شريفة ومن أفاضل نساء قومه وتحمل الكثير من الجمال وهي متزوجه من رجل يقال له سعد بن سعيد
فهي عاشقة لحد الثمالة إلى بشر الاسيدي ونظرت له مرة وهو يجتاز منزلها فلم تعد تملك إلا أن تنتظره وهو يمر منزلها غداة كل يوم وهي كان يمر يظطرب حالها ولا تكون على طبيعتها لشغفها به وهو لم يبالي لها حتى لو بنظره فكانت تناجي وتقول
أهواك يا بشر دون الناس كلهم
غيرك يهواني فيمنعه صدي
تمر بابي لست تعرف
اكابد من شوقي اليك
فاليتني أرض وانت أمامها
تدوس بنعليك الكرام خدي
فلما تجاوز العشق الحد من فؤادها ارسلت له كتابا بيد جاريتها فذهبت الجارية إلى بشر وقالت له هذا كتاب سيدتي أرسلته لك فقرأ كتابها فسألها سيدتك عذراء أو ذات بعل فقالت له ذات زوج وزوجها بالمدينة موجود فامتنع مما إرادته سيدتها وطال المرسال بينهم وطالت الأيام فقد أحب بشر هند لكن العشق محكوم بحال الناس فافترقا المحبان وارتحل بشر عن المكان ومرضت هند المرض الشديد فبعث زوجها إلى الأطباء لم يجدوا لها دواء فقالت هي لزوجها إني رأيت في منامي ببطحاء فقال لها زوجها واسكني حيث شئت فرحلوا إلى بطحاء التي يسكنها بشر فجعلت تجلس على بابها وتنظره من يمر من باب بيتها حتى برأت من مرضها وعادت إلى جمالها وحسنها وكانت مع هند في الدار عجوز فأفشت بسرها فقالت له العجوز سوف اساعدك على أن تتحدثي إليه وهو لايعلم بوجودك فجلست العجوز على بابها فمر بشر من أمام بيتها فقالت له أريد تكتب لي رساله الى ابني في العراق فلما فرغ من الكتابة قالت له العجوز انك مسحور فقال لها ما إدراك فقالت له ارحل اليوم حتى أرى ما بك وفي اليوم الثاني جاء بشر إلى العجوز إلى بيتها وطرق الباب فدخل إلى الدار وإذا بالباب يقفل عليه ويرى امام عينه هند فقالت له
يا بشر اوصلني وكن لطيفا
إني رايتك بالكامل ظريفا
فعاد الزوج من غير عادته إلى بيته فرأى زوجته مع بشر فطلقها زوجها فبعد أن طلقت هند هام بشر بعد هذه الحادثة بحبها حبا كبيرا وانتظر العدة حتى يخطبها فرفضت هند خطبته والسبب هو فضحها أمام الرسول الكريم وبعد الرفض تمرض بشر وكتب لها
أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيعا
فلا تبخلي ياهند علي بالوصل
فكتبت له
أتطلب يا غدار وصلي بعدما
اسأت وصلي واضحى مضيعا
ولما رجوت الوصل منك قطعته
اسقيتني كأس الحزن مثرعا
وقرأ هذه الأبيات وكتب لها
سلام الله من بعد العباد
على الشمس المنيرة في البلاد
وحق الله القلب لا ينساك
إلى يوم القيامة مرادي
لكن جرحها كان أكبر من بلسم كلماته فقالت له
سلام الله من شمس البلاد
على الصب الموسد بالمهاد
فلست ينالك منى الوصل
ولايدنوا بياضك من سوادي
واشتد به المرض على بشر وكان يينفس في الرمق الأخير فأرسل أخته إلى هند لتحضرها فقامت هند وذهبت إليه وكان يقول
إلهي وقد ابتليت بالهوى
اكابد نفسي التى تولى عليها الهوى
وقد مل اخواني وملني أهلي
وقد أيقنت اني هالك
فبكت هند وبكى بشر أمام الجميع وقالت له
أيا بشر حالك قد فنى جسمي
والعب بالنار في جسمي وفي كبدي
فاض الدمع على الخدين منسكبا
وخانني الدهر فيكم وانقضى رشدي
فلما سمع كلامها فقال ياهند إن مرت عليك جنازتي فتوهمي من الحزن وقولي
شيري علي بعينك وسلمي وقولي
رعاك الله ياميت الهوى
واسكنك الله الفردوس أن كنت مسلم
فارتمت على صدره وقالت
أيا عين نوحي عليه بتعزية
روية من دمعي بتقدير
يا عين ابك من بعد الدموع دما
لأنه كان في الطاعات مجبور
لفقد بشر اليوم لبكيت كمد
لا خير بعيش يأتي بتكديري
فالقت نفسها عليه فحركوها فإذا هي متيه عليه فغسلوهما ودفنوهما معا
انتهت قصة هذا الحب العذري بنهاية مأساوية بموت الحبيبن معا
وهذا الحب لا يتحقق في وقتنا هذا