recent
أخبار ساخنة

الأديب / رياض المساكني يكتب :: غابة النعام

غابة النعام

اتّخذ سرب من النعام غابة وفيرة خيراتها مضربا له. وأولوا أمرهم بوما ظنّوا به خيرا. ولمّا استقام له الأمر عاث فسادا واستبدّ. فضاقت سبل الرزق، واستأثر هو بخيرات الغابة.وكان سرب النعام كلّما اشتدّت قبضته عليهم يدفنون رؤوسهم في الرمل خوفا من المواجهة.
استمرّ الأمر على هذه الشاكلة لسنوات، وسرب النعام لا يشتكي. وفي يوم رفع بعض الرئلان رؤوسهم، ونظروا مليّا للبوم، ورفعوا أصواتهم رافضين سياسته. ساد الغابة هرج ومرج انتهى بتنحية البوم. قرّ قرار حكيم النعام على إطلاق سراح كل الحيوانات التي وضعت في أقفاص ودعوة من هجر الغابة من النعام للعودة. ثمّ إنهم انتهوا إلى تكليف أسد هرم بتسيير أمورهم إلى أن تتضح الرؤية. لكن يبدو أنّ الأسد استطاب الحكم وفكر في الاستحواذ عليه. أرشدته حكمته وخبرة السنين إلى الاستعانة بحمار هرم .التقاه خارج الغابة وعقد معه اتفاقا لم يكشفا بنوده للنعام إلى اليوم. وكان لهما ما أرادا. فتقاسما النفوذ وخيرات البلاد.وصار وضع النعام من سوء إلى أسوء. وكان من بين الأنعام التي بدأت تبحث لها عن مكان بالغابة جرو ضبع. وكان لهذا الضبع من الدهاء وتحيّن الفرص ما جعل الشيخان يقرّران إشراكه في الحكم.
سارت الأمور في البداية على النحو الذي رسموه، ولم يعد هناك مجال للتفكير في تخلّيهم عن السلطة رغم ما اكتسبه النعام من جرأة في رفع رؤوسهم من الرمل. تنامت أطماع جرو الضبع ، وفكّر في أن لا يبق رهن ما يجود به عليه الأسد الهرم. التقى بالحمار واتّفق معه على العمل معا لإقصائه. شرعا في تبادل المشورة ورسم الخطط. تفطّن النعام إلى ما يسعيان إليه.استشاطوا غضبا، وهرعوا من جديد لحكيمهم وطرحوا عليه الأمر. ودون تفكير قال لهم" أهل هذه الغابة يطمحون إلى مكانة الأسود، ويبذلون بذل الحمير، ويرضون بما ترضى الضباع. لا بقاء لي في غابة الحمار فيها يشرّع، والهرم ينفّذ، والضباع تحكم".
رياض المساكني(انقزو)
مساكن/تونس
google-playkhamsatmostaqltradent