recent
أخبار ساخنة

الكاتب / سرحان الركابي يكتب : رحلة غير محسوبة العواقب

 قصة قصيرة ...........

.
رحلة غير محسوبة العواقب
.
في طريقي الى تسوية بعض الاشكالات التي اردت ان اضع لها حدا , اخبرت اصدقائي انني عازم على تعديل الاوضاع الشاذة التي تعيشها هواجسنا وأوهامنا , في تلك الاثناء كنت جذلا ومعتدا بافكاري البيضاء الناصعة , ومرونة اصابعي في التقاط الفواكه والحبوب وارغفة الخبر الطازج , فلا احد يستطيع ان يصمد بوجهي وانا املك لسانا حاذقا وفكرا جائحا ورغبة متورمة , كنت اسير متأبطا كبريائي عند بوابات الاسئلة الصامتة والسرية
وهناك صادفت في طريقي غيمة متجهة نحو التخوم البعيدة , و بالقرب منها تسير نجمة ذاوية , وفي ذلك التوقيت المربك كان ثمة قمر يمر بمرحلة الاحتضار
وحينما اردت ان اسأل العابرين عن الوجهة التي ينبغي لي ان اسلكها , قالوا لي اتبع اثر ظلك فهو يسير خلف تلك الغيمة , وضع النجوم عن يسارك , والقمر المحتضر عن يمينك ,
وقبل ان اغادر الى وجهتي الاخيرة , وبعد ان عاشرت اولئك العابرين لبرهة من الزمن , اكتشفت انهم مصابون بالخرس والصمم منذ ازمان بعيدة , لكنهم كانوا سعداء في حياتهم البليدة والذاوية , والغريب انهم كانوا يتناسلون ويتوارثون الخرس والصمم وعاهات اخرى عديدة عن آبائهم واسلافهم الغابرين ,
سالت عن الطريقة التي يتفاهمون بها
فقيل لي انهم يتبادلون الاشارات والايماءات وانهم ليسوا بحاجة الى الكلام , لقد تكيفوا مع اوضاعهم وامراضهم وعاهاتهم
وصار الاصحاء غرباء والغرباء منبوذون , والمنبوذون يلوذون بالصمت , رغم انهم قادرين على نطق الابجديات التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم , ذلك انهم صاروا غرباء ايضا وعليهم ان يكفوا عن الكلام ,
. حينها ادركت كم كنت ساذجا , وان الاشكالات التي اردت ان اضع لها حدا لا تقارن بما كانوا يقاسون ويعانون
كنت على وشك اللحاق بالغيمة التي سبقتنا جميعا وتركتنا نجرجر اقدامنا مثل سلاحف مذعورة , انا والنجمة الذاوية والقمر الموشك على الاحتضار , لكن ريحا عاصفة هبت فحملت الغيمة وحملتني معها
واحسست حينها بالظفر وباني على وشك الوقوف على سر تلك الغيمة الهائمة في السماء الزرقاء الخاوية
واننا صرنا رفقاء لاننا نسير في درب واحد , وانني سوف اصل الى مبتغاي في تسوية بعض الاشكالات التي اردت ان اضع لها حدا , لكنني فجأة رايت ظلي يتوقف عن اللحاق بي , ظل واقفا ومتسمرا في مكانه , بينما رحت اهيم على وجهي بلا ظل ولا اثر لاي خطوات , كأنني جسد من زجاج يسير عاريا امام الاضواء , ثم جاءت ريح اخرى معاكسة فاعادت الغيمة الى وضعها السابق وصرت ارى البروق والرعود والصواعق على مقربة مني , وكاد البرق ان يخطف بصري حينما لامستني صاعقة ومست شيئا من اطراف ثيابي
فجلست في قارعة طريق خاوية وناديت على تلك الغيمة ان تدعني وترحل , لانها كانت تحملني بعيدا عن ظلي وخطواتي , لكن لساني انعقد ولم انطق باي كلمة , اكتشفت انني بت اخرسا واصما ايضا , واصابتني عاهات اخرى وعراقيل لم اكن اتوقعها , وحينها كففت عن الاسئلة واحجمت عن تسوية بعض الاشكالات الساذجة التي كانت تعشعش في راسي
.
سرحان الركابي

الكاتب / سرحان الركابي






google-playkhamsatmostaqltradent